عبدالوهاب قطران بين فترة وأخرى تظن أن المرض غادر، لكنه يعود وكأنه يرفض أن يتركني لحالي. قبل شهر تقريبًا أنهيت آخر كورس من الإبر والأدوية والدهانات التي وصفها لي ثالث طبيب أراجعه في أقل من عام. ارتحت قليلًا، وانطفأت الحبوب على صدري وظهري، وما إن انتهت العلبة الأخيرة حتى عاد البلاء كما بدأ: حكّة في الليل، وحبوب حمراء تؤلمني مع كل نفس. الأطباء؟ كأنهم يتسابقون في لعبة الاحتمالات: – يمكن من الأكل. – يمكن من رائحة. – يمكن من الملابس. – ويمكن من "الضغط النفسي وحريق الدم" (وهذا الأخير يبدو الأقرب للواقع). منذ سنة وأنا أكتب عن هذه الحساسية التي لا تُطاق، وكل مرة تصلني عشرات النصائح والرسائل: وصفات أعشاب، أسماء أطباء، حكايات عن مرضى شُفوا بمعجزة... حتى تهت بين كل ذلك. آخر النصائح كانت طريفة: "البس ملابس قطنية سوداء فقط!". الليلة جربت. قلبت دولابي وارتديت فانيلة وبجامة سوداء كأني ذاهب لعزاء خاص بي! وقلت: لعل الأسود يمتص عني وجع الجسد وضغوط الروح. ادعوا لي بالشفاء، فقد يئست من الأطباء والأدوية، لكنني لم أيأس بعد من ضحكة صغيرة أواجه بها هذا البلاء... فربما عليَّ أن أتصالح مع الحساسية، فهي وحدها التي لا تخونني ولا تفارقني أبدًا!