لكل شعب قضية وقصة، لكن قصة الإمارات مع شعب الجنوب، وإن كانت لها جذورها التاريخية، إلا أن فزعة "عيال زايد" وكون أبناء الشيوخ في مقدمة الرجال المقاتلين عن آخر شبر مما بقي من العاصمة العربية الخامسة عدن بعد أن استسلمت بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء لإيران وبقيت عدن تقاوم، لها معنى استثنائي. السردية الإماراتية في الجنوب، قبل أن تعمدها الدماء، عمدتها النوايا الصادقة. ففي الأزمات تختبر معادن الرجال، وكما اختبرت جغرافيا الجنوب معادن الإماراتيين، اختبرت الجنوبيين أيضًا، فلم يغدر أحد بأحد، ولم يكذب أحد على أحد.
تحولت هذه السردية إلى قوة في العقل الجنوبي كما هو حال الإماراتيين، وتحولت عند كل العرب إلى مثال حيّ في النخوة والشجاعة والصدق. قد نكون غير أوفياء، فالجميل أكبر من أن يتحمله جيل الجنوب المعاصر لمعارك التحرير، كما هو جيلنا الذي عاش جميل الشيخ زايد طيّب الله ثراه الذي رفض أن يوافق لزعيم حاشد عبدالله الأحمر فرض سياسة الأمر الواقع في حرب صيف 1994.
إنها أمة فيها زايد، فلا يستغرب أفعال عياله، وكما فازت الإمارات بمحبة شعب الجنوب، خسر خصومها. فالقلوب لا تُشترى بالأموال، إنما بالمواقف.