بقلم القاضي:علي يحيى عبدالمغني أمين عام مجلس الشورى/ نظمت القوانين الدولية والأممية حقوق الأسرى والجرحى والقتلى وغيرهم من كافة الأطراف في كافة الحروب والنزاعات، سواء كانت محلية ام دولية، اقليمية ام عالمية، ولم تسّن هذه القوانين سوى فئة واحدة من المحاربين، وهم الجواسيس والعملاء، لأن كافة الشعوب والأمم تعتبر التجسس والعمالة عملا غير مشروع، بل تعتبر ذلك أقذر مهنة عرفتها البشرية في تاريخها. ولذلك لا يوجد في القانون الدولي أو الإنساني ما يلزم أي دولة تستخدم هؤلاء الجواسيس والعملاء في اي بلد بأي حقوق تجاههم، فهم عبارة عن أدوات رخيصة تتخلص منهم الدولة المشغلة لهم نفسها عقب تنفيذ المهمة المطلوبة منهم او عند اكتشافهم دون ان تتحمل هذه الدولة اي مسؤولية قانونية او اخلاقية، ولذلك تكون نهاية الجواسيس والعملاء مذلة ومخزية ومأساوية، لا أحد يعترف بهم أو يسأل عنهم، قد تختلف القوانين الوضعية من بلد إلى آخر في مسائل كثيرة إلا في هذه المسألة، فعقوبة العميل والجاسوس هي الإعدام في كافة القوانين والبلدان، نظرا لخطورة العمالة والخيانة والتجسس على الشعوب والأمم. لذلك نادرا ما نسمع عن وجود عميل او جاسوس لأمريكا في الصين او روسيا مثلا، بخلاف الدول العربية والإسلامية للاسف، فمن يحكمها اليوم هم الجواسيس والعملاء والخونة، والسبب في ذلك أن علماء وفقهاء الشريعة الإسلامية لم يعطوا هذه الألفاظ والمصطلحات حقها من البحث والدراسة، ولم يشيروا إليها عند حديثهم عن النفاق والكفر والردة، ولذلك يمكن أن يقتنع المواطن العربي او الإسلامي نتيجة ظروف معينة أن يكون جاسوسا او عميلا بمبلغ زهيد، ولا يمكن ان يقبل أن يكون منافقا او مرتدا او كافرا لو عرضت عليه كنوز الدنيا، لأن خطورة العميل او الجاسوس في القانون ارتبطت بالوطن، وعقوبته أن حدثت اقتصرت بالدنيا، وخطورة المنافق والكافر والمرتد في القران ارتبطت بالدين والدنيا، وعقوبته قائمة في الدنيا والاخرة. مع ان الجاسوس والعميل في الواقع أخطر بكثير من المنافق والمرتد والكافر، لأن النفاق والردة والكفر مسألة عقدية، لا ينتج عنها قتل آلاف الأبرياء من ابناء الأمة، ولا تدمير الممتلكات العامة والخاصة، كما هو ينتج عن التجسس والعمالة، فالعميل والجاسوس يقاتل شعبه وأمته قبل اعدائها، ويمكنهم فعليا من قتل أكبر عدد من أبنائها، ولذلك فقد كان مفتي الديار اليمنية السيد العلامة شمس الدين شرف الدين صائبا ومحقا حينما أفتى بردة العملاء والخونة، هذه النظرة القرانية. هي الخطوة الأولى لمعالجة هذا المرض الخبيث الذي أصاب الأمة، وجعلها عاجزة عن المواجهة، وهي تملك من أسباب القوة ما لا يملكه اعداؤها، لقد تفاجأ العالم من موقف الشعب اليمني المساند لقطاع غزة، وكيف تمكنت اليمن من هزيمة الأمريكان والصهاينة، وكيف بنت هذه القدرات الأمنية والعسكرية، وأصبحت في مقدمة الدول في صناعة الطائرات المسيرة، وخامس دولة في العالم تمتلك الصواريخ البالستية الفرط صوتية والانشطارية، رغم العدوان والحصار عليها عشرت سنوات، والحقيقة ان الأسباب كثيرة، مادية ومعنوية، وفي مقدمة هذه الأسباب المادية خروج نسبة كبيرة من العملاء والجواسيس والخونة من صنعاء، والتحاقهم بتحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، هذا مكن الشعب اليمني من الالتفاف حول قيادته الوطنية، والاعتماد على ذاته في الدفاع عن نفسه، وبناء قدراته بعيدا عن أعين الأمريكان والصهاينة. لا شك أن هناك مؤامرة كبيرة يعدها الأمريكان والصهاينة، وترعاها السعودية لاضعاف الشعب اليمني، وتدمير قدراته العسكرية والأمنية، عن طريق الجواسيس والعملاء والخونة، إلا انهم لن يجنوا من وراء ذلك غير الفشل والهزيمة، فالشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية واجهزته الأمنية والعسكرية لهم بالمرصاد، ولن تزيدهم المؤامرات الامريكية والصهيونية والسعودية إلا قوة وصلابة، وثبات وعزيمة، فقيادتهم ربانية، ومسيرتهم قرانية، وثقتهم بالله كبيرة، ومعنوياتهم عالية، للدفاع عن الأمة، وإيصال هدى الله للبشرية .