متى نخلع جلد القردة؟    مقتل عناصر إرهابية بنيران القوات المسلحة في وادي عومران بأبين    طهران تستدعي سفراءها في دول "الترويكا"    نتنياهو يخاطب قاعة شبه فارغة وإعلامه يعتبر ذلك "بصقة في وجه إسرائيل"    النصر يقهر الاتحاد في عقر داره    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    السبت.. أتلتيكو المتراجع في اختبار الديربي 177    جيسوس: كنا نستطيع هزيمتهم بنتيجة كبيرة    ولي العهد يرأس مجلس أمناء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسؤولة رفيعة في برنامج الأغذية العالمي سُبل تعزيز المساعدات الإنسانية لبلادنا    مأرب.. عرض عسكري مهيب احتفاءً بأعياد الثورة اليمنية المجيدة    موقع عبري: إيلات ليست مستعدة للحرب مع اليمن.. تدهور اقتصادي وفشل في الاعتراض    الزُبيدي: لا سلام في اليمن دون ضمان حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم    على خلفية الاحتفاء ب 26 سبتمبر.. مليشيا الحوثي تختطف عددا من المواطنين في إب    هيئة رئاسة مجلس الشورى تؤكد على تعزيز وحدة الصف والقضاء على الانقلاب    ثورة 26 سبتمبر.. وعي مبكر ونضال متراكم أنهى حكم الإمامة    قبليون يتجهون إلى عدن ويمهلون السلطات 24 ساعة للقبض على قتلة الشيخ العقربي    غدا .. منتخب الناشئين يختتم مشاركته في كأس الخليج بمواجهة عُمان    الوزير الزعوري يدشن مشروع الإغاثة المقدم من الكويت للمتضررين من السيول    اجتماع تشاوري بين "الشؤون الاجتماعية والعمل" و"التربية والتعليم" لمناقشة دعم ذوي الإعاقة    وزارة الصناعة تعلن شطب وإلغاء (8781) وكالة وعلامة تجارية لمخالفتها القانونية    مؤسسة رياض الحروي تؤكد أن لاعلاقة لها بالجانب الفني والإداري لبطولة بيسان..    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    انطلاق المعرض السعودي للأزياء والنسيج في جدة عروس البحر الأحمر    السفارة اليمنية في ماليزيا تحيي ذكرى الثورة اليمنية ال63 لسبتمبر وال62 لأكتوبر    صنعاء: العدو استهدف 5 حارات مسجلة ب"التراث العالمي" .. اسماء    حزام يافع يلقي القبض على قاتل صهره بعد ساعة من ارتكاب الجريمة    من ضمن جرائم الحوثي: بعد ست سنوات من الاسر وجد في احدا ثلاجات مليشيا الحوثي    الزبيدي يؤكد التوجه نحو التطبيع والسقلدي يعتبره استفزازًا لكل العرب والمسلمين    القهوة تساعد على تخفيف الصداع.. كيف تتناولها لحصد الفائدة    أسطول مساعدات غزة يتجه شرقًا من اليونان رغم التحذيرات الإسرائيلية    حريق في مصنع ملابس بمصر ووفاة 8    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية جديدة بداية أكتوبر    برشلونة يواصل مطاردة الريال    المنحة السعودية مربوطة بتحقيق الإصلاحات والحوكمة الرشيدة    صرف النصف الثاني من معاش إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    ضابط استخبارات يستولي على مستشفى خيري ويحوله إلى سجن    الفريق السامعي يدين العدوان الصهيوني على العاصمة صنعاء    الرئيس الزُبيدي يُعزي حاكم الشارقة في وفاة الشيخ سلطان بن خالد القاسمي    مصادر البروتينات النباتية.. تَعَرف عليها ؟    بدء صرف نصف معاش ابريل 2021 للمتقاعدين    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    صنعاء... الحصن المنيع    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن

يُطرح اليوم تساؤلٌ موجِع، يكاد يكون مرادِفاً للانهيار القيمي والأخلاقي: "ما دخلنا نحن في اليمن بغزة؟" و "ما علاقتنا بفلسطين؟"..هذا التساؤل ليس مجرد استفسار ساذج، بل هو صرخة مُرّة تكشف عن عمق الشرخ في الوعي الجمعي، وشاهدٌ على انتصار الثقافة التجزِئية التي رسمها الاستعمار.
لا يخفى أن هذا التساؤل يتغذى من خطابٍ مُضلِّل، يختبئ خلف وجع المعيشة، ويهمس في أذن المنهَكين قائلًا: "شغلتمونا بفلسطين؛ أين معاشاتنا؟ أين مرتباتنا؟ أولادنا جياع أفقرتونا! القصف والقتل فينا كفاكم. كفوا عن محارشة جُباح النحل ومراماة عش الدببة! أنتم ترمونهم بصاروخ فيردّون بخمسين، فسماؤكم مفتوحة ومدنكم مستهدفة. أعقِلوا!".
هذه الأصوات، التي تدعو للانكفاء والانفصال، هي في الحقيقة ثمرةٌ صادقة لثقافة القُطرية والحدود المصطنعة، ثقافةٌ نجحت في تجريد الفرد من انتمائه الأوسع، وفصله عن المفهوم القرآني والإسلامي الحقيقي للأمة والوطن.
إلى أين تبخَّر مفهوم "الأمة الواحدة"؟
إن شعور المرء بأن ما يحدث في فلسطين وغزة لا يعنيه شخصياً هو بمثابة زلزال عقائدي يهدد بانهيار الأركان الأساسية لديننا وقيمنا، ويضع علامات استفهام كبرى حول مدى ترسيخ المبادئ الكبرى في الوجدان المسلم:
* وحدة العقيدة هي وحدة الوجود: غاب التجذير العميق لمفهوم الأمة الذي تؤكده الآية الكريمة: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]. فالأمة هنا كيانٌ واحد، لا يفرّقه جغرافيا، يجمعه توحيد الرب والغاية.
* الهوية الإنسانية في الجسد الواحد: لم تتربَّ النفوس على المعنى الحيّ والعملي للحديث النبوي الذي يصف المؤمنين كالجسد الواحد، "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". فمتى تكتمل صحة الجسد وعضوٌ منه يُنزف دمًا في غزة؟
* بوصلة الاهتمام الجامعة: لم يتأصل المعنى الحاسم لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". فالاهتمام ليس ترفاً، بل هو علامة الإيمان الفارقة.
لقد أدى هذا الغياب التربوي والثقافي إلى اختزال كارثي، حيث تحوّل مفهوم "الأمة الواسعة" في أذهان الكثيرين ليصبح كياناً محدوداً: قبيلة، طائفة، أو نطاق جغرافي ضيق محصور بما يُسمى "الدولة القُطْرية"؛ وهي التركة المسمومة التي ورثناها من خطوط سايكس بيكو، ورسّختها مناهج التبعية الممنهجة.
البطاقة الشخصية أم الهوية الإيمانية؟ سؤال الوجود
لقد نجحت الثقافة القُطرية بحنكة خبيثة في ترويج شعار "حب الوطن من الإيمان"، لكنها أخفقت عن عمدٍ في تحديد ماهية هذا الوطن على حقيقته الجامعة، لتبقينا أسرى الجغرافيا لا العقيدة.
فلنسأل سؤال الهوية الجذري: ما هو الوطن حقاً؟
* هل هو فقط هذا النطاق الضيق الذي نعيش فيه اليوم، والمرسوم بخطوط وهمية متحركة صنعتها الاتفاقيات الاستعمارية؟
* أم هو ذلك العالم العربي والإسلامي الواسع، الذي كان وطن أجدادنا قبل أن تمزقه الإرادة الأجنبية؟
وهل تتحدد هويتنا ب...
* تلك البطاقة الشخصية أو الجواز الذي نحمله، وهو صنيعة سياسية قابلة للتبديل والتغيير والزوال؟
* أم بتلك الهوية الإيمانية والإسلامية التي منحنا إياها الخالق، وجعلها هويتنا الثابتة وعنوان وجودنا الإنساني والروحاني؟
إن الهوية الإيمانية هي الأصل الثابت والعمق التاريخي، بينما الحدود الجغرافية الحالية هي العارض المصطنع والطارئ السياسي. عندما تشتعل فلسطين، تشتعل هويتنا؛ وعندما تُدنس غزة، تُدنس كرامتنا.
العتب على المنهاج لا على المتسائل: فك الارتباط الممنهج
لذلك، عندما يُصدَم الوجدان بصوت يقول: "ما علاقتنا بفلسطين؟" أو "ما دخلنا بغزة؟"، فإن العتب لا يقع على المتسائل البسيط الذي أرهقته الحياة، بقدر ما يقع على من قام بتثقيفه وتعليمه وتوجيهه.
العتب يقع على:
* منهاج تعليمي ركّز على التاريخ المحلي السطحي وألغى التاريخ الأممي الشامل.
* ثقافة إعلامية عملت على تدجين الوعي، وجعلت قضايا الأمة الكبرى مجرد أخبار عابرة أو قضايا خارجية لا تخصنا.
* سياسة رسمية كرّست الانفصال وأهملت مخططات العدو الكبرى ضد الأمة والدين.
إن الانفصال عن قضايا فلسطين وغزة، واللامبالاة بما يُحاك ضدنا من مؤامرات، هو النتيجة الطبيعية والمنطقية والمنتظرة للنشأة على ثقافة جعلت الحدود المصطنعة أهم وأقدس من الوحدة الإيمانية.
نحن في غزة، لأن غزة هي بوصلة هويتنا، وخط دفاعنا الأول، وجدار صدنا الأخير عن معنى وجودنا وشرف هويتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.