مع كل حادثة تهز الرأي العام اليمني، تظهر أبواق مليشيا الحوثي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، مستثمرة تلك الأحداث لتشويه صورة الدولة في المناطق المحررة، وإثارة الشكوك حول مؤسساتها الأمنية، في وقت تعجز فيه المليشيا عن تبرير جرائمها اليومية ضد النساء والأطفال. وعلى غرار تسلقها عدالة القضية الفلسطينية طوال العامين الماضيين لتغطية بطشها باليمنيين في الداخل، سعت مليشيا الحوثي خلال الأيام الأخيرة إلى توظيف رخيص ومكشوف لقضية استشهاد افتهان المشهري، التي تم اغتيالها في مدينة تعز على يد مجموعة خارجة عن القانون.
استغلال فاضح وباستمرار تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية محاولاتها المتكررة لتوظيف القضايا العادلة في سبيل تلميع صورتها وتغطية جرائمها ضد اليمنيين، من خلال تصدير نفسها مدافعًا عن المظلومين، لكن الوقائع على الأرض سرعان ما تكشف الوجه الحقيقي لمشروعها الكهنوتي القائم على القمع والاستبداد.
في هذا التقرير الضوء على استغلال مليشيا الحوثي لقضية الشهيدة افتهان المشهري في تعز، وما تلاها من جرائم وانتهاكات حوثية مروعة بحق النساء في مناطق سيطرتها، والتي تكشف زيف شعاراتها وتناقض خطابها مع الواقع.
بعد ساعات قليلة من اغتيال افتهان المشهري في مدينة تعز، سارعت مليشيا الحوثي إلى استغلال الحادثة، رغم تعامل سلطات الحكومة الشرعية مع القضية منذ اللحظة الأولى، إذ أصدرت القيادة السياسية والعسكرية توجيهات بضبط الجناة، ونجحت القوات الأمنية في ملاحقة المتهمين وقتل القاتل بعد رفضه تسليم نفسه.
ركبت المليشيا موجة التضامن الشعبي والسياسي الكبير مع الشهيدة، محولة القضية إلى أداة للهجوم على الدولة والجيش وتشويه صورة مدينة تعز والمناطق المحررة، في حملة إعلامية موجهة استهدفت بث خطاب الكراهية وإثارة الانقسام داخل المجتمع اليمني.
وشنت القنوات وناشطو مليشيا الحوثي على مواقع التواصل حملات تحريض ممنهجة، حاولت دفع الجماهير الغاضبة نحو مواجهة مباشرة مع الأمن والجيش، لكن الوعي الشعبي في تعز والمناطق المحررة أفشل تلك المحاولات، مؤكدًا تمسكه بالدولة ورفضه حالة الانفلات الأمني.
كما استغلت المليشيا توقيت الحادثة، الذي جاء قبل أيام قليلة من ذكرى ثورة 26 سبتمبر، لتوظيفها في الهجوم على فكرة الجمهورية والثورة، وربطها بجرائم القتل والانفلات الأمني، في وقت كانت تمارس فيه أشد صنوف القمع ضد المحتفلين بالثورة داخل مناطق سيطرتها.
جرائم حوثية بشعة ضد النساء
بعد يومين فقط من حادثة اغتيال افتهان، شهدت محافظة الحديدة جريمة مروعة تمثلت في انتحار فتاة من قرية الهارونية بعد تعرضها للابتزاز والاغتصاب من قبل مشرف حوثي يُدعى يوسف سالم دوم، والذي هددها بالفضيحة والزواج القسري. وتسببت الحادثة بصدمة واسعة وغضب شعبي في المنطقة.
خرج عشرات الأهالي في احتجاجات تطالب بإنزال أشد العقوبة بحق الجاني، لكن مليشيا الحوثي حاولت التدخل للإفراج عنه، وقمعت المظاهرات بالقوة، في مشهد جسّد حجم الإفلات من العقاب الذي يتمتع به عناصرها على حساب كرامة المجتمع.
وفي محافظة ريمة، ارتكب القيادي الحوثي عبده إبراهيم جريد، مطلع الأسبوع الجاري، جريمة قتل مروعة بحق زوجته الشابة حسناء الشامي (17 عامًا)، حيث قام بتقطيع جثتها وحرق أجزاء منها، وسط اتهامات له بالتورط مع شبكة لتجارة الأعضاء البشرية.
الجريمة أثارت استنكارًا واسعًا وُصفت بأنها الأشد بشاعة في تاريخ المحافظة، وكشفت مجددًا حجم الانتهاكات التي تتعرض لها النساء تحت سلطة المليشيا، بعيدًا عن أي مساءلة أو عدالة.
قمع متزامن للنساء
تزامنًا مع حادثة اغتيال الشهيدة افتهان، كثفت مليشيا الحوثي حملات الاعتقالات والاختطافات في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، في مسعى لإخماد مظاهر الاحتفال بثورة سبتمبر ومنع رفع العلم اليمني أو حتى ترديد الشعارات الجمهورية.
ووفقًا لتقارير إعلامية، فقد سُجِّلت أكثر من ألف حالة اعتقال خلال أسبوعين فقط، طالت أطفالًا ونساءً، فيما نصبت الجماعة عشرات النقاط الأمنية المستحدثة في العاصمة صنعاء للتفتيش والمراقبة، وأطلقت يد شرطة "الزينبيات" لملاحقة النساء والتحقيق معهن.
وأكدت شهادات محلية أن عناصر "الزينبيات" نفذن عمليات تفتيش قسرية للمنازل والسيارات والهواتف، واعتقلن نساءً لمجرد كتابة منشورات أو مشاركة صور للعلم الجمهوري على مواقع التواصل، في انتهاك صارخ للحقوق والحريات الخاصة.
وبالتوازي مع هذه الانتهاكات، ظلت مليشيا الحوثي الإرهابية تستثمر قضية افتهان المشهري كستار إعلامي للتغطية على ممارساتها القمعية في مناطق سيطرتها، محاولة إظهار نفسها كمدافع عن الحقوق وملتزم بالعادات، فيما الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك تمامًا.
تناقض الخطاب الحوثي مع الواقع
تتحدث مليشيا الحوثي ليل نهار عن الدفاع عن القضايا العادلة وحقوق النساء، لكنها في الواقع تمارس أبشع الانتهاكات بحقهن، من القتل والاغتصاب والاختطاف، إلى المداهمات والتفتيش القسري وانتهاك الخصوصيات، دون أي التزام بالقوانين أو الأعراف.
ويؤكد الكاتب عبدالله شروح، أن هذه الوقائع تعكس التناقض الفاضح بين خطاب الجماعة وممارساتها اليومية، حيث تستخدم الشعارات الدينية والقومية كغطاء لتبرير مشروعها الطائفي، فيما يعيش اليمنيون تحت حكمها ظروفًا مأساوية من القمع والفقر والإذلال.
وأضاف شروح في تصريح ل"الصحوة نت"، أن طريقة استغلال مليشيا الحوثي لقضية افتهان المشهري، وما تلاها من ارتكابها لجرائم بشعة بحق النساء في مناطق سيطرتها، تكشف أن محاولاتها الدائمة للتسلق على القضايا العادلة ليست سوى وسيلة لتضليل الرأي العام وإخفاء سجلها الأسود.
وختم بالتأكيد على أن الوقائع المُعاشة اليوم تؤكد أن مليشيا الحوثي ليست سوى جماعة إجرامية قمعية تمارس أبشع صور الانتهاك، وأن خطابها الدعائي لا يعدو كونه محاولة يائسة لخداع اليمنيين وتزييف وعيهم، بينما تبقى الحقيقة شاخصة في ممارساتها على الأرض.