محمد شمسان صحفي وسياسي وأكاديمي واقتصادي يمني بارز، وأحد أبرز رواد الصحافة والإعلام باليمن ، وأشهر الأصوات الوطنية التي دعت إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية وحرية الصحافة والرأي والتعبير في اليمن خلال التسعينيات القرن الماضي ، وقد عُرف بنزاهته وجرأته السياسية والفكرية ، وقوة تأثيره وحضوره المتميز بين الاوساط السياسية والاعلامية والصحفية والثقافية والاجتماعية . يعتبر الدكتور عبدالعزيز السقاف أول صحفي يمني يتحدث اللغة الإنجليزية ومن أوائل من أدخل الصحافة المستقلة إلى اليمن – عبر تأسيسه صحيفة Yemen Times عام 1991، التي أصبحت أول صحيفة أهلية تصدر باللغة الإنجليزية في البلاد ، كما يعد الفضل لجهوده الكبيرة في تقديم نشرة الاخبار باللغة الإنجليزية في منتصف السبعينيات ، والتي لم تكن قد قدمت من قبل على تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية "قبل الوحدة" . وبالعودة إلى صحيفته "يمن تايمز " فقد كانت نافذة مهمة لتعريف العالم بقضايا اليمن السياسية والاجتماعية والحقوقية ، وهي من أبرز وأهم الصحف المستقلة التي حققت نجاحا كبير في فترة التسعينيات وبدايا الألفية الثالثة ، وشهدت تطورا واسعا إلى أن مؤسسة إعلامية إستمرت لسنوات بعد وفاته ، وصدرت عنها صحف ومجلات متخصصة إضافة إلى إطلاقها قبل سنوات محطة إذاعة لاتزال مستمرة حتى الآن . أهتم الدكتورالسقّاف منذ صغره بالدراسة والبحث العلمي ، وبعد إكمال مرحلة الثانوية العامة بعدن ، واصل دراسته الجامعية ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفورد بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1979م ، ما أهّله لاحقًا ليصبح أحد أبرز الأكاديميين اليمنيين في جامعة صنعاء ، حيث درّس الاقتصاد وقدّم دراسات رائدة حول التنمية والشفافية والاقتصاد اليمني ، وذلك إلى جانب نشاطه الأكاديمي ، برز السقّاف ككاتب ومحلل اقتصادي وسياسي. أسّس عام 1991 صحيفة Yemen Times التي سرعان ما أصبحت منبرًا لحرية الرأي والتعبير، وشكّلت صوتًا مدنيًا مستقلًا ينتقد الفساد ويدافع عن حقوق الإنسان والقضايا المدنية والحقوقية والعامة ، بفضل جهوده الفاعلة والمثيرة في تطوير ورفع مستوى الأداء المهني داخلها . وقد اهتم السقاف بالصحفيين الشباب بشكل خاص لصقل مهاراتهم والبناء على مواهبهم. كان رحمه الله ، لحضوره اللافت في الاوساط السياسية والصحفية والحقوقية تأثيرات واسعة في تشكيل تحالفات سياسية وطنية تبنت فكرة الإصلاحات السياسية منذ السنوات الاولى عقب تحقيق الوحدة اليمنية ، وكان في مقدمة الأصوات المطالبة بتوسيع هامش الديمقراطية الذي عملت السلطات في تلك الفترة على تضييقه ، إضافة إلى جهوده الكبيرة في تشكيل تحالفات ومؤسسات للأعمال الحقوقية والمدنية والاجتماعية ، وله دورا بارز في مناصرة قضايا المرأة وانتزاع حقوقها ، كما له اسهامات متعددة في تعزيز وتمكين العمل المدني والحقوقي على الساحة الوطنية برمتها ، ويضاف إلى صيده السياسي أيضا دوره الأبرز في الدعوة والتحضير والإعداد لمؤتمر الديمقراطيات الناشئة الذي عقد في صنعاء عام 2000 تقريبا ، لكنه رحله رحمه الله قبل إنعقادة بفترة قصيرة حصل الدكتور الراحل عبدالعزيز السقاف رحمه الله ، على جائزة مؤتمر النشر المنعقد في دبي عام 1999م ، وجائزة الصحافة الدولية عام 1995م ، وعقب ذلك تم تعيينه عضوا في المجلس الاستشاري ، وانتخب رئيسا للجنة الحقوق والحريات ، كما إنتخب قبلها لأول مرة عضوا في الجمعية العمومية للمنظمة العربية لحقوق الانسان عام 1983م. وقد تمكن من خلال اللجنة في المجلس الاستشاري من إطلاق سراع عشرات المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ومن أبرزهم السجين " المناضل اليساري منصور راجح " الذي أطلق سراحه عقب الوحدة اليمنية بسنوات ، كما أنه أطلق الكثير من المبادرات الدولية والإقليمية ، المتعلقة بالحقوق والحريات ، وكان عضوًا فاعلًا في منظمات اقتصادية وأكاديمية وحقوقية ومدنية عالمية مختلفة ، وساهم في إعداد وتقديم بحوث ودراسات عدة ومهمة حول الإصلاح الاقتصادي والسياسي والشفافية الحكومية وحرية التعبير والصحافة وقضايا العمل المدني والتطور المؤسسي وغيرها . تميّز أسلوب السقّاف التحريري بالوضوح والجرأة ، والنقد الموضوعي للسلطة دون كراهية أو تحريض ، وقد شكّلت افتتاحياته الأسبوعية لصحيفته " يمن تايمز " علامة فارقة في تطور العمل الصحفي والمهني ، حيث جمعت التحليل السياسي العميق والرؤية الإصلاحية ، مع تمسّك صارم بقيم النزاهة المهنية ، كما يحسب إلى جهوده أيضا كونه أول حقوقي يمني قام بعملية رصد وتوثيق الانتهاكات بكل أشكالها وانواعها . ليس من السهل تقديم تجربة الصحفي الكبير الراحل الدكتور عبدالعزيز السقّاف بكل ما حوتها من مراحل وتفاصيل واحداث ومحطات ، لان ذلك يتطلب الكثير من الجهد والوقت ، وهي بالفعل تجربة صحفية عظيمة وبحاجة إلى دراستها بشكل علمي ودقيق لان فيها الكثير من الدروس والنجاحات التي لاشك انها تمثل منهجية علمية للصحفي المحترف ، ولانني أجد نفسي غير منصف بالقدر الكافي في تقديم هذه التجربة الصحفية الرائدة ، لكنني أعتبرها من باب حفظ الجميل والمودة والتعبير عن تقديري واحترامي للدكتور الفقيد الراحل عبدالعزيز السقاف الذي قتل بحادث مروري بشارع حدة في يونيو 1999م ، رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. الفاتحة