الذي أراه راجحًا أن الصدقة أفضل من العمرة بمراحل، حيث إن نفع العمرة خاص بالمعتمر، أما الصدقة فإنها تتعداه إلى الآخرين. يدل على ذلك أن ثمة آيات عديدة تحث على الصدقة، لا نجد مثلها متعلقًا بالعمرة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول سبحانه: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} البينة.
فانظر كيف قدّم الله جبر الخواطر على الإيمان والصبر والتراحم.
السورة نفسها تسمى *الماعون*، وهو كل ما يستعين به الناس على قضاء حوائجهم. فأول صفة من صفات المكذبين بالدين أنهم يدفعون اليتيم فلا يعطفون عليه، وهم أيضًا لا يحثون غيرهم على إطعام المسكين، ذلك لأن الدال على الخير كفاعله. ثم الويل للمصلين، ولم يقل "مقيمي الصلاة"، لأنهم أهل رياء ولا يعرفون طريقًا للعطاء.
الأمر الوحيد الذي يتمناه الإنسان حين موته أن يُمهل ليتصدق، حيث لم يطلب مهلة ليعتمر مثلًا أو حتى ليصلي، وإنما ليتصدق. قال تعالى: