المشهد الحضرمي يقف اليوم على حافة انقسام خطير لم يعرفه المجتمع منذ عقود، بعد أن تحول السلاح من أداة للدفاع عن الأرض إلى وسيلة لتكريس النفوذ القبلي وتصفية الحسابات الشخصية. ما كان مجتمع حضرموت يفاخر به من تماسك وسلم اجتماعي يتعرض الآن لأخطر محاولات التفكيك بفعل مغامرات غير محسوبة وقرارات لا تستند إلى وعي سياسي أو إدراك لعواقب إشعال الفتن. إن تعدد القوى المسلحة تحت لافتات مختلفة، من حماية حضرموت إلى درع حضرموت، لا يعكس سوى حقيقة واحدة؛ أن الجهل السياسي وغياب الرشد لدى بعض القيادات هو الذي يدفع حضرموت نحو منزلق مظلم. ويأتي في مقدمة هؤلاء الشيخ عمرو بن حبريش، الذي أثبت أن طموحه غير المحدود للسلطة والمال يتجاوز قدرة المجتمع على الاحتمال، وأن عناده ورغبته في فرض ذاته على الجميع قد يحرق حضرموت كما أحرق نيرون روما.
المشكلة لم تعد في تشكيل قوة هنا أو مجاميع هناك، بل في العقلية التي ترى القبيلة وسلاحها وسيلة للهيمنة وليس لبناء دولة وأمن مستقر. حضرموت تستحق قيادة تؤمن بالشراكة لا الاستفراد، وبالأمن لا استعراض القوة، وبالحكمة لا المغامرة. أما المضي في هذا الطريق المليء بالجيوش القبلية والمليشيات المتنازعة، فذلك يعني مستقبلا أشد خطراً على المجتمع الحضرمي وقيمه التي صمدت قروناً أمام العواصف.