سخِرَ تعساء النفوس من دموع الباسندوة.. رئيس حكومة الوفاق الوطني.. وتندر بعضهم بالصورة، والكركتير (عبر النت).. لا لشيء إنما من باب المماحكات السياسية.. ونحن نرى هذه الدموع أعظم تعبير صادق وأمين فاضت به كل جوارح الباسندوة ومثّلث ضمير أمة ترجمة مشاعرها النبيلة تجاه وطنها (حباً وكرامة فحسب). لقد عاش محمد سالم باسندوة، طيلة حياته، مناضلاً، صلباً، ضد قوى الاستعمار.. والتخلف بمعناها الواسع، فكانت عدن الحاضنة لنضاله، ونضالات أخوته ورفاقه.. منذُ الخمسينات من القرن الماضي، ثم تلتها تعز وصنعاء لتشهد بذلك اليمن كل اليمن، وهو لا زال يتقدم الصفوف مناضلاً معطاءً، جواداً، لا يبخل بشيء من أجل وطنه.. ولا غرابة إذا قال: " أنا أحب وطني أكثر من أسرتي وأولادي" ففي حياته وحياة رفاقه ما يصدق القول بالفعل والإيمان.. وإذا جاشت الدموع في المآقي، وصارت حبلى بمائها، فللحبالة حكماً.. موعداً للولادة.. وهو الذي تأمل ونظر كثيراً.. وطال به العمر حتى بلغ الألف شهر، ورأى أوطاناً هي جزءً من وطننا الكبير كانت بادية وصحراء، فأصبحت حاضرة المكان والزمان تطاول في عمرانها كل العمران، وتفوح من طرقاتها وشوارعها الفسيحة روائح الفل والريحان، في مقابله وطنه الذي يرزح تحت معاول الهدم والتيهان .. وكتّاب مقالات في حالة فلتان، وألسنة تلوك عبثاً وتطحن هواءً ودخان، وأفواه تنفث سُماً كلما لاحت بارقة أمان؛ وطنه الذي تملئ جنبات طرقاته القمامة، وما يتبع الغثيان.. وبعض إنسان تحول كهيئة الطير له منقار من حديد، وأيادٍ من عزف، وصوت استنكره القرآن . يظهر ليلاً كي يصطاد ما يريد.. بلغة هابطة تدعو إلى التسليم بما تريده الأعادي... بينما البقية .. في كتلة صامتة .. تتحرك ببطء روحة وجيه في الوطن المكان وتنتقل من صمتها السلبي إلى صمتها الإيجابي.. في حذر لعل داعية حرف لسنه لمرضٍ في قلبه، أو بلطجياً حد ساطوره أو متشرذماً عاود ليقطع الطريق وينفخ في النار.. أو بقايا فلول لا زالت متمكنة، أو بعضها خلست، جلدها وعصيها في دواليب عربة الثورة الساعية لبناء الدولة المدنية الحديثة.. إنَّ الغالبية الصامتة تنهمر من مقلها الدموع حبيبات حصى، لما تستنكره في الواقع المؤلم.. ومثلهم الفقراء والمساكين.. هم جُل أهل الوطن (بيت العرب القديم) لكنهم فقدوا البوصلة .. وضلت دموعهم حائرة، ثم تسيل في اتجاهات مختلفة.. في أودية وشعاب متفرقة.. وانتصاراً لهذه الدموع الغالية (علينا جميعاً) هاهي دموع الباسندوة (بوصلتكم) فاجعلوا دموعكم في نهرٍ واحد (عظيم) من أجل الوطن.. فو الله لو توحدت تهداتكم وزفراتكم وانطلقت حناجركم .. في اتجاهها موحدةً وفي نغمٍ واحد لخر أعداء الوطن من مضاجعهم صاغرين ورموا حبال سحرهم .. وسجدوا للحق تائبين، لأن يد الله مع الجماعة، وهو القائل:(إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ) صدق الله العظيم، فلا تستهينوا.. ولا تضعفوا فتلكم الدموع والزفرات والآهات موحدة أقوى من سلاح الظالمين.. ولو كنتم ذباباً لأصميتم عدوكم يأزيز أجنحتكم.. ثم يفرون شاردين.