كل ما يصدر عن الرئيس المخلوع و عصابته يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه قرر الانتقام من اليمنيين بطريقة تفتقر للحصافة او تبقي على شيء من الروابط التي يحرص الفرقاء دوما على الابقاء عليها حين تشتد الخصومة و تدق طبول الحرب، و جاءت فعالية الاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر لتؤكد ما سبق و أشرنا إليه كما ظل كثيرون يحذرون من مغبة السير في طريق الانتقام بالشكل الذي يبدو أن صالح و زبانيته حسموا أمرهم بشأنه. و لاشك أن عقلاء المؤتمر و من بقي فيه من شرفاء معنيون في هذه المرحلة أكثر من غيرهم بالعمل مع شركائهم في العمل السياسي على النأي بحزبهم بعيدا عن المغامرة و المقامرة و جعله ألعوبة في يد حفنة من القتلة الذين خرج عليهم الشعب بثورة شعبية سلمية عارمة أسقطت من أسقطت ولن يعجزها من تبقى لأن من بقي ليس أقوى ممن سقط، و بالتالي فلا يليق بمؤتمري عاقل أن يمشي وراء تلك الشلة الحاقدة و الناقمة على اليمنيين جميعهم بما فيهم المؤتمريين أنفسهم، و الواضح أن المخلوع يواصل حربه على الشعب و الحكومة و القيادة السياسية باستخدام (المؤتمر الشعبي العام) بعد ما أسقطت كل الأوراق من يده، و لا يشرف المؤتمريين أن يظلوا ورقة خاسرة يلوح بها المخلوع كلما وجد نفسه محاصرا و محصورا في زاوية السقوط، كانت هناك أوراق عديدة طالما أجاد صالح العبث بها و استخدامها في إطالة أمد حكمه المشئوم، رقص على رؤوس الثعابين فيما كانت الغالبية من ابناء الشعب يتضورون فقرا و جوعا و حرمانا لينعم بالثروة هو و ثعابينه، و وظف القاعدة لابتزاز الخارج و ترويع الداخل و إشاعة الفوضى و إقلاق السكينة العامة، و استخدم الجيش و الأمن في قتل الأبرياء عبر حروب طويلة و عديدة كانت في الغالب عبثية و غير مبررة بالنظر لنتائجها الكارثية على البلاد و العباد، كم ظل يستخدم القبائل في مواجهة بعضها البعض مثلما فعل مع الأحزاب و النقابات و المنظمات و الصحف و المؤسسات، و ظل العبث و الفوضى معلما بارزا في كافة مظاهر الحياة بجميع مجالاتها دون أن يرى ما آلت إليه الأوضاع أو لعله لم يكن يريد أن يرى الواقع كما هو بدون الرتوش الذي صنعتها بطانة السوء التي كانت حوله. و اليوم بعد ما أسقطت الثورة كل الأوراق من يده صار ينظر للمؤتمر باعتباره الورقة الباقية بكثير من الفخر و الزهو و هو يظن أنها وحدها كفيلة بإعادته إلى عرش الحكم و إعادة الشعب و الوطن إلى المربع الأول، و في سبيل ذلك شاهدناه و هو يعبر عن مرضه المزمن و شعوره بالنقص إزاء ما يحققه الآخرون فجاء إلى حفلة الزار التي أقيمت الإثنين الماضي زاعما أنه الزعيم و الشريك و الحاكم و المعارض و المحاور و الوسيط و الشاهد، هو كل شيء في البلد الخراب، هو الذي يتزعم عصابات الجريمة في أكثر من مكان وهو شريك الحكم من خلال مشاركة حزبه المؤتمر في حكومة الوفاق و هو المعارض من خلال إطلاق العنان للمرتزقة المأجورين كي يمارسوا الاعتداء كافة أشكاله بحق الحكومة و القيادات الوطنية ممن وقفوا في وجه حكمه الفاسد و نظامه الساقط، و شمل عدوانهم محاولات التصفية ضد عدد من الرموز الوطنية و الكفاءات المخلصة كما و حملات التشويه التي طالت غالبية قيادات الثورة و المعارضة دون مراعاة لأبسط القيم التي تعد في عرف اليمنيين خطوطا حمر لا يمكن تجاوزها، إن مهمة المؤتمريين- و العقلاء منهم على وجه الخصوص- تتمثل في تخليص حزبهم من سيطرة صالح الذي بات واضحا أنه يسير به – كما سار بالبلد برمته- نحو الهاوية، و من خلاله يمارس أعماله الإجرامية انتقاما من الشعب الذي ثار عليه و أظهر حكمه عاريا أمام العالم بفساده و فشله الذريع، و في حال استطاع أن يحقق بعض ما يصبو إليه عبر أعمال لا تنقصها الخسة فإن الشعب له بالمرصاد لأن الحصانة التي قبلت على مضض ستكون حينها مثار سخرية الجميع، كما أن ردة الفعل لن تقتصر عليه وحده، بل ستشمل أدواته القذرة و هذا ما يجب على المؤتمريين أن يضعوه بعين الاعتبار.