إن ما يحدث اليوم في الجنوب أمر يؤسف له ويحزن له كل صادق مخلص راغب في ان يرى بصيص أمل في نهاية النفق الذي سُيق إليه الجنوب بتدبير من اطراف عدة كلها استثمرت معاناة الناس لركوب الموجة وتمرير المشاريع. فمنذ العام 2007 وبعد انطلاق موجة الاحتجاجات للمتقاعدين وجد البعض في هذا التحرك روح جديدة تنفخ في مشروعه الثأري المحنط وأنه يمكن الولوج لتحقيق الثارات من خلال هذه الموجه . كمتابع ومعايش لواقع الحال في الجنوب فانه منذ العام 94 والى 2007 فان الكل في الجنوب ظل صامتًا عن الظلم ومتماهيًا معه؛ بل حتى حينما أرتفع الصوت الجنوبي الاول الداعي للانتصار للمظلومين لم يجد حوله الالتفاف المؤمل واعني (فيصل بن شملان) . وحين بدأت موجة الاحتجاج تتصاعد قامت الاشباح من تحت التراب ففرصة الثأر قد حلت وبدأ الضخ الاعلامي المهول وطبخت المصطلحات وحيكت الشعارات دون هدف واضح ولا حدود ولا قيم سوى النفخ في النار وتأجيج المواقف وإشعال الاحقاد, ووجدت لذلك التمويل المناسب! تمضي الايام وتصحو الشعوب من غفوتها وتقلب الطاولة على صناع المآسي ويخسر المنتصر في 94 المعركة ويزاح من عرشه ولأننا قوم الثأر متأصل فينا بدأ يفكر هو الآخر في الثأر ويجد أنه يمكن الاستفادة من توحيد المواقف (الثأرية) ليكون الانتقام واحد والعدو المشترك واحد اجتمع عليه طرفي التوقيع على وحدة 90 وطرفي الحرب في94.. نعم هو (الاصلاح)لابد من إسقاطه لابد من ملىء الارض ضجيجًا فهو عدو الجنوبيون وقاتلهم ومكفرهم وناهبهم وهو عدو الهاشميين وسارق الثورة وخائن الشباب ، يجب اقناع الناس بهذا المنطق يجب أن تصرخ (عدن لايف) و(اليمن اليوم) و( المسيرة)و(ازال) ليل نهار حتى نسقط مصداقية الاصلاح في عيون الناس، وانطلت الحيلة على البسطاء وبعض النخب وانحرفت البوصلة ، ووضعت لذلك كل الامكانيات يجب ان يصدق الناس أن الاصلاح تكفيري حتى وأن كانت أعينهم ترى الاصلاحيين أكثر الناس اتزانًا واعتدالًا يجب أن نقنع الناس أنهم قتلة حتى وان كان أغلب عملهم وجهدهم وحركتهم بين الناس لإصلاح ذات البين ووأد الفتن وصيانة الدماء، يجب أن نجعلهم شياطين حتى وان كان واقع الحال يحكي أنهم من الأقرب إلى الناس ومعاناتهم ... أمام هذا الحال يستغرب البعض من صمت الإصلاح وعدم مجاراته تلك الحملة الجائرة والجواب يأتي ان قرار الاصلاح واضح وجلي هو المضي إلى الأمام وعدم فتح معركة مع احد أكانت كلامية أو غيرها .. مع ذلك كله؛ سيمضي الإصلاح مستعينين بالله متكلا عليه في بناء الوطن وصيانته وفي رفع الظلم وحماية المجتمعات مهما قيل عنه, متسلحًا بالصبر والثبات والعزيمة والوعي وسعة الأفق مهما كانت التضحيات, واثقين أن الزبد سيتلاشى وينتهي ..