لماذا يصرف التحالف والحكومة أبطال الجيش عن معركة التحرير إلى رحلة البحث عن المرتبات؟ انقطاع المرتبات ونقص التموين العسكري والذخيرة في الخطوط الأمامية مشاكل يُعايشها أبطال الجيش رفضت الدائرة المالية التعليق على استفسارات الصحيفة وحذر أحد ضباطها بإغلاق الجريدة مواقف التحالف العربي إزاء مرتبات الجيش سلبية والحكومة كالمتفرج على حرب الآخرين انتهى عام وبدأ عام جديد، وما زالت مرتبات أبطال الجيش الوطني، وانتظام صرفها، أو عدم انقطاعها لأكثر من ستة أشهر، مجرد حلماً عابراً، أو أمنية صعبة المنال، في ظل التقاعس الحكومي والدور السلبي للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. وبعيداً عن الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية، والمستجدات الميدانية، ينشغل قادة الجيش الوطني في جميع الجبهات «عدى جبهة الساحل الغربي»، بمرتبات الجنود التي لم تصل منذ ثمانية أشهر، رغم وصول التعزيز المالي من الطبعة الجديدة، وتوفر المرتبات لدى مالية الجيش الوطني، إلا أن التحالف العربي، كما يقول أحد الضباط كان عائقاً أمام صرف المرتبات، وانتظام صرفها خصوصاً في مسرح عمليات مأرب، والتي تضم ثلاث مناطق عسكرية (الثالثة والسادسة والسابعة). ليست المرتبات وانقطاع صرفها، هي المشكلة الوحيدة التي تواجه قوات الجيش الوطني، في المناطق العسكرية الثلاث، فنقص التموين العسكري (الأكل والشرب)، والنقص الحاد في الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية، هي الأخرى، كانت ومازالت تمثل تحدياً كبيراً لقيادة الجيش والألوية العسكرية في جبهات صنعاء والجوف ومأرب والبيضاء وصعدة. وفي هذا التقرير نتناول مرتبات الجيش وانقطاعها، كأحد الأسباب الرئيسية التي تعيق عملية التحرير، وتشير المعلومات التي جمعناها إلى تواطؤ الحكومة الشرعية تجاه ملف مرتبات الجيش، وقيام التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بدور سلبي، تجاه معاناة الجنود في جبهات القتال، وبحسب تقرير لجنة خبراء العقوبات الدولية بشأن اليمن فإن انقطاع المرتبات تسبب في تراجع معنويات قوات الجيش الموالية للحكومة الشرعية في المناطق الشمالية، فيما تعززت سيطرة القوات الموالية للإمارات في الساحل الغربي والمناطق الجنوبية، مقابل تآكل سلطة وسيطرة الشرعية هناك، وعدم قدرتها (أي الحكومة) على فرض سيطرتها على المليشيات التي أنشأتها الإمارات في الجنوب. لقد كانت روايات بعض الجنود عن معاناتهم بسبب تأخير صرف الراتب، والنقص الحاد في التموين الغذائي والذخائر والأسلحة والمعدات المختلفة، خصوصاً في الخطوط الأمامية، كانت المحفز الأكبر لنا لمتابعة المسؤولين والمعنيين للإفصاح عن أسباب تأخر مرتبات الجيش، وانقطاعها لأكثر من نصف عام. لكننا وجدنا أن الحديث عن رواتب المؤسسة العسكرية خطيئة، ونقاشها خيانة، والاقتراب من المعنيين خطر محدق.. أو هكذا هو الواقع داخل أروقة المؤسسات العسكرية حقيقة، فما بالكم بالحديث عن التموين العسكري والنقص في الغذاء والذخيرة الذي تشهده معظم الجبهات العسكرية في مسرح عمليات مأرب، والتي تظم ثلاث مناطق عسكرية هي: (الثالثة والسادسة والسابعة). الرواتب متوفرة لكن... تؤكد مصادر الصحيفة، أن مرتبات الجنود متوفرة منذ أشهر، وتحديداً منذ وصول السيولة المالية للبنك المركزي في عدن منتصف العام قبل الماضي، وحينها كانت مرتبات الجنود تصرف كل أربعة أشهر بواقع مرتبين أو ثلاثة، هذا ما تبين لنا إثر زيارتنا الاستقصائية عن سبب تأخر رواتب الجيش والأمن لقيادة المنطقة ومكتب الدائرة المالية بمأرب. وبالرغم من الترحيب بنا كوننا إعلاميين..إلا أن تحذريهم لنا من التحقيق ومن تناول مشكلة التأخير لرواتب الجيش إعلامياً كان صريحاً.. بل ذهب بعضهم إلى التهديد بتوقيف الجريدة وإغلاقها، في حال تم نشر تحقيق بشأن الرواتب. والمؤسف هو أن نجد ضباطاً وقيادات بعقلية ما قبل الثورة والوحدة، بل وما قبل الجمهورية، يعيشون في عالم وهمي بنوه من مخيلتهم البحتة، واضعين حوله أسوار التعتيم وقوانين النظام البائد الذي كان يحجب مرتزقته عن ضوء الحقيقة ونقد المراقب ومحاسبة الشارع ويجعل مناقشتهم والحديث عن مخالفاتهم جريمة. أكد ذلك الخوف.. الرفض القاطع للأفراد، بل والضباط الذين قابلناهم من ذكر أسمائهم، أو أعمالهم في أي تقرير قد نقوم بنشرة. " الدائرة المالية بيت الداء" هكذا صرح أحد قيادات العسكرية الثالثة دعا إلى عدم ذكر اسمه.. فما إن بدأت الحكومة بمحاولات وصفها مراقبون بالجدية في توفير رواتب القوات المسلحة والأمن، ومحاولاتها في تنظيم عملية الصرف لتكون دورية "أي كل شهرين" بعد أن كانت موسمية "كل أربعة أشهر" إلا أنها خطوة صحيحة على الطريق الصحيح واضطلاع بالواجب بعد معاناة وانقطاع امتد لأكثر من عام.. أي من سبتمبر 2014 - فبراير 2015م.. حتى بدأت الدائرة المالية في العمل عكس التيار، فحولت تلك الجهود المبذولة وتحويل التوفر المالي إلى أزمة وتلاعب على وتر التصحيح والتصفية في الوقت بدل الضائع.. نعم محاولات ومعالجات وجهد أثنى عليه السواد الأعظم من منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية، خصوصاً بعد مرحلة قاسية ومؤلمة مر بها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لعدة أشهر. وفقاً لاستطلاعات رأي بحسب المصدر السابق. وأضاف: هناك استياء شديد فعلاً؛ لتكرار أخطاء كان الواجب تجاوزها منذ زمن، مشيراً إلى مشكلة تأخر الرواتب والتعنت المستمر من قبل الدائرة المالية على حساب منتسبي الجيش والأمن ومعاناتهم، من أجل إجراءات لا تتعدى بضعة أيام في حال توفر الخبرة والكفاءة والضمير الحي. كما أعرب عن أسفه للتصرفات غير المسؤولة من قبل دائرة المالية غير العابئة بالظروف الصعبة التي يعانيها كل فرد وضابط على حد سواء.. موضحاً أن مثل هكذا تعنت لا يخدم الوطن ولا القضية الوطنية.. وأكد أن الرواتب موجوده ومتوفرة لدى الدائرة منذ شهرين، وأن لا مشكلة لدى المنطقة العسكرية الثالثة؛ حيث إن إخلاء المنطقة وكشوفاتها رفعت قبل شهر، أي قبل نهاية ديسمبر الماضي. جندي يبيع جنبيته من أجل الغذاء أطلعنا أحد أفراد المنطقة الثالثة من أبناء مدينة ذمار والذي رفض ذكر اسمه.. أطلعنا على الوضع الصعب الذي يعيشه هو وأسرته جراء تأخر الراتب، الذي بحسب قوله إنه المصدر الوحيد الذي يعيله هو وعائلته المكونة من ثمانية أفراد.. كما دعانا إلى زيارة خيمته التي لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء، ومعرفة أحوالهم المادية القاسية والنقص الحاد جداً في المواد الغذائية.. حتى أنه اضطر إلى بيع جنبيته ليصرف على عائلته. موضحاً أن هذا هو واقع الحال عند أغلبية الأفراد وبعض الضباط .. معبراً عن خيبة أمل كبيرة في عدم مبالاة الحكومة لأحوال أبنائها بشكل عام، وأفراد الجيش والأمن بشكل خاص. تأخير متعمد للرواتب "كان بإمكان المالية بدء عملية (الترقيم والتصحيح) -حسب قولها- بعد صرف الراتب السابق حتى تتجنب التأخير المتعمد للرواتب وتجنيب الجيش هذه الأزمة، ولو كان هناك انتماء لروح الثورة وإحساس بأوضاع الناس لتأجلت هذه العملية إلى ما بعد الرواتب، ومن ثم استئنافها بعد التسليم مباشرة بحيث يأتي موعد الرواتب المقبلة وقد تم الترقيم". هكذا صرح أحد قيادات الألوية بالمنطقة العسكرية الثالثة دعا إلى عدم ذكر اسمه. وأكد كذلك أن "إجراءات المالية في وقت كهذا يعتبر تعنت وخلق أزمه حقيقية؛ نظراً للوقت الذي ستستغرقه والذي بدروه يؤخر موعد تسليم الرواتب". مؤكداً إنه لا يعارض عملية الترقيم والتصفية، ولكن في وقت لا يتعارض وموعد المرتبات. الدائرة المالية ترفض التعليق رفض أي من مسؤولي الدائرة المالية التعليق على أسئلة الصحيفة ومراسلها، حول سبب تأخر الرواتب، فيما "نصحنا" آخر أنه يمنع تداول مثل هذه المواضيع إعلامياً.. وفي حال تطرقنا لها فإن الجريدة قد تعرض نفسها إلى إمكانية الإغلاق.. -بحسب نصيحته!. وإنه مستعد للتجاوب معنا بشرط عدم ذكر اسمه أو عمله.. حيث صرح لنا: «إن موضوع التأخير كان إلى وقت قريب متعلق برئاسة هيئة الأركان، ومن فوقها أوامر النائب «يعني نائب رئيس الجمهورية علي محسن الاحمر» ومن ثم تحولت إلى عناد كبير بين المالية وقيادة الوحدات العسكرية.. رغم الحلول التي تقدم بها عدد من قيادات تلك الوحدات.. أذكر أنه كان آخرها "الصرف أولاً، ومن ثم استئناف الترقيم مراعاة لأحوال الجنود". مضيفاً: أن النائب الأحمر، لن يرضيه ما آلت إلية الأمور، وأن أوامره كانت فعلا الترقيم، ولكن لم يكن الترقيم على حساب تأخير الرواتب. ما بين إخلاء المناطق وترقيم المالية أزمة خانقة تعصف بآلاف الجنود لم تكن قيادة المنطقة العسكرية في منأى من دائرة الذنب ومعاناة الآلاف من أبناء الجيش الوطني.. فبحسب إفادة بعض من مراجعي ماليات الوحدات العسكرية، إن إدارة الدائرة المالية، أوضحت لهم أن مشكلتهم مع قيادة المنطقة التي تعيق تسليم الرواتب، في تأخرها تسليم إخلاء للأشهر السابقة.. وأنها في مطالبة مستمرة لهم بسرعة تجهيزها وتسليمها للدائرة.. وأنها مشكلة متكررة تقابلهم في تعاملهم مع قيادة المنطقة بعد كل راتب. مناشدة لرئيس الجمهورية ونائبة ووزير الدفاع ورئاسة هيئة الأركان. بعيدا عن التباطؤ في عملية الإخلاء من قبل المناطق، والتعنت المستمر للدائرة المالية، بحسب البعض كما سبق. دعانا كل من قابلناهم إلى إيصال مناشدتهم وعرض معاناتهم على المعنيين وصناع القرار. خصوصاً إلى قيادتهم العسكرية والسياسية ممثلة برئيس الجمهورية ونائبة ووزير الدفاع ورئاسة هيئة الأركان. حيث ناشدوهم إلى ضبط وانتظام صرف الرواتب.. وتعيين الوطنيين وأصحاب الخبرة والكفاءة لخدمة الوطن والثورة.. معللين أن السبب الكبير والواضح لتأخر الرواتب هو الفساد المستشري في قيادات المناطق والوحدات، والدائرة المالية، على حد سواء. «فقد أصبحت مشكلة تأخير الرواتب أزمة لا تطاق، وفي حال وقفت الحكومة موقف المتفرج، تندب حظها عاجزة عن إيجاد الحلول، فلا حاجة لنا بهكذا حكومة». «وليس الجندي مسؤول عن فساد الحكومة وتعنت التحالف ومزاجيات القيادات الإماراتية والسعودية ومناكفتها». اختتم مجموعة من أفراد العسكرية الثالثة حديثهم لنا اثناء دعوتنا لزيارتهم واطلاعنا على أحوالهم. خلاصة المرتبات، التموين العسكري، الذخيرة، العتاد العسكري، مشاكل متنوعة أفتعلها أو تسبب بها المسؤولون في الحكومة الشرعية، وقيادات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، هكذا يجمع ضباط وجنود الجيش الوطني في رأيهم خلال لقاءاتهم وتصريحاتهم ل«أخبار اليوم». وتبقى الكرة في ملعب الحكومة الشرعية، بقيادة الدكتور معين عبدالملك، وذلك بإقرار موازنة عامة للدولة وتضمين ميزانية دقيقة لوزارة الدفاع والجيش الوطني، كي تطلع الوزارة والقوات المسلحة بمهامها في تحرير البلاد واستعادة مؤسسات الدولة، كما أن اللاعب الرئيسي والمحوري في هذه المشاكل التي تواجه الجيش الوطني، يتمثل بالتحالف العربي الذي يزعم أنه يساند الشرعية، في حين ترك الجيش الذي جاء لمساندته بلا مرتبات ولا تموين ولا ذخيرة طيلة أشهر ماضية.