أنهى الحصار الخانق الذي تفرضه مليشيا الحوثي على مديرية العبدية، جنوبي محافظة مأرب، أسبوعه الثالث وسط استبسال لافت من رجال القبائل في الذود عنها رغم انقطاع الإمدادات العسكرية بشكل تام، وتردي الأوضاع الإنسانية. يقف أبناء القبائل لصد الهجمات الحوثية التي حشدت لأجلها الجماعة قرابة 10الآف مقاتل بحسب البيان الصادر عن أبنا العبدية الذين يواجهون خذلان الحكومة الشرعية وسط مناشدات التحالف العربي للمجتمع الدولي لفك الحصار عن المديرية. معركة مصيرية منذ الاجتياح الحوثي لمديرية حريب، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، وقعت مديرية العبدية، الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي مأرب والبيضاء، تحت كماشة حصار حوثي شامل، جراء تضاريسها الجغرافية الوعرة التي لا تتيح وجود أي منافذ من داخلها نحو المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في مدينة مأرب. وعلى مدار الأسابيع الماضية، ظلت مديرية العبدية شوكة في ظهر مليشيات الحوثي، التي بدأت بشن هجمات متقدمة صوب مديرية الجوبة، حيث رفضت المديرية، التي تتحصن داخل جبل ويقطنها نحو 35 ألف نسمة، رفع الراية رغم اشتداد الخناق والقصف الصاروخي والمدفعي المتواصل من المجاميع الحوثية. تشكل معركة العبدية معركة هامة لمليشيات الحوثي التي تخشى من عدم التقدم صوب مديرية الجوبة قبل حسم مديرية العبدية التي تثير مخاوفهم من هجوم مباغت من خلف ظهورهم، وهو ما لجأت على إثره الجماعة للتكثيف من هجماتها الدموية خلال الساعات الماضية بهدف اجتياحها. فيما تعتمد قبائل العبدية في معركتها ضد مليشيات الموت الحوثية على امكانات عسكرية محدودة تسندها التضاريس الجبلية الوعرة، حيث عجزت مجاميع الحوثي من اختراق تحصينات رجال القبائل، رغم الغطاء الناري المكثف بالصواريخ والطائرات المسيرة. ذكر مصدر في الجيش اليمني أن المعارك ما زالت محتدمة على أطراف المديرية، التي تبعد نحو 90 كم مربع عن مركز مدينة مأرب عاصمة المحافظة، وسط غطاء جوي نوعي لمقاتلات التحالف. خذلان المعركة أني مظلوم فانتصر، هكذا يبدو حال رجال القبائل في العبدية وقد وجدوا أنفسهم أمام خذلان حكومة هادي الذي بدا أشبه بذلك الذي تعرضت له حجور من قبلهم. ففي الوقت الذي تواجه فيه الجبهة الوطنية على تخوم العبدية مصيرها المجهول، كانت الحكومة الشرعية مستغرقة تبدي استغرابها من الصمت الدولي على الإبادة الجماعية بحق المدنيين والنازحين، وإطلاق البيانات التي تطالب فيه المجتمع الدولي إدانة جرائم الحوثيين التي تنتهك القانون الإنساني الدولي في اليمن. فبعد 20 يومًا من الحصار المطبق على المديرية، وجد ابناء العبدية أنفسهم وقد تخلت عنهم الحكومة، يطلقون مناشدات لدول التحالف العربي الذي أعلن أمس الإثنين، عن تنفيذ 33 عملية استهدفت آليات وعناصر الحوثيين في العبدية خلال ال24 ساعة الماضية. فيما ناشد البيان التحالف الذي تقوده السعودية، التدخل لإنقاذ الجرحى وإمداد المقاتلين وإغاثة 35 ألف نسمة، لافتين إلى أن جماعة الحوثيين حشدت لهم أكثر من 10 آلاف مقاتل. وأشار البيان الى أن "القبائل يخوضون معارك ضارية خلال الأيام الماضية، ولا يزال الأبطال صامدين حتى كتابة النداء، وهم بأمس الحاجة للدعم بكل أنواعه". وذكر ابناء العبدية في بيانهم انهم وجهوا هذا النداء الأخوي والإنساني بعد أن رأوا خذلان قيادات الشرعية تتفرج عليهم لأكثر من 20 يوماً وهم تحت الحصار المطبق وقذائف الحوثي ونيرانه. وأكدت مصادر محلية في مأرب "أن جرحى معارك العبدية لا يتوفر لديهم سوى وحدة صحية واحدة، لا تتوفر فيها إمكانيات كبيرة لإجراء تدخلات جراحية نوعية في أوساط المقاتلين أو المدنيين، كما أنه من الاستحالة نقل الجرحى للعلاج من داخل المديرية إلى عاصمة المحافظة". ركاكة الدعم تشكل العبدية منطقة خضراء لمئات الأسر النازحة من مديرية رحبة المجاورة خلال الأشهر الماضية، وهؤلاء سيكون عليهم بدء موجة جديدة من النزوح مع سكان المنطقة هذه المرة، ومع ذلك تذهب الحكومة الشرعية لتطلق مغازلاتها الفارغة للمجتمع الدولي عوضًا عن دعم القبائل، وتقديم الدعم اللوجستي لتعزيز جبهتم، او على الأقل تقديم المساعدة لإنقاذ جرحاهم ممن يخوضون معركة وجودية لحماية الأرض والإنسان. لا يبدو موقف حكومة هادي غريبًا، فلطالما فقدت العديد من جبهاتها وهي مستغرقة في تصريحات لا طائل منها سوى اضعاف موقفها الميداني وفقدانها لثقة اليمنيين الذين يراهنون عليها للتخلص من وثن الإمامة. ومن جهة أخرى يأتي دور دول التحالف العربي التي اعتادت أن تخذل اليمن في الكثير من جبهاتها المشتعلة.. ففي الوقت الذي يناشدهم فيه أبطال العبدية، اكتفت دول التحالف بضربات جوية ثم توجهت هي الأخرى لمخاطبة المجتمع الدولي. فيما قالت لمصادر عسكرية ل"العربي الجديد"، ان السبيل الوحيد لإيصال إمدادات للمقاتلين داخل العبدية هو الإنزال الجوي من مقاتلات التحالف، والذي لم يتم حتى الآن.
حيث كانت مقاتلات التحالف خلال سنوات الحرب الماضية، نفذت عمليات إنزال جوي للمقاتلين ضد الحوثيين في مدن محاصرة على رأسها مدينة تعز، وكذلك بلدة حجور في محافظة حجة، حيث ساهم ذلك الدعم في تمكين المقاومة من فتح منفذ بري ورفع الحصار بشكل جزئي، فيما فشل في مديرية حجور. فماذا تنتظر الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي من المجتمع الدولي الذي لا تؤمن به الجماعة الدموية ولا تكترث لأمره، بل تؤمن بمفهوم النصر بأية ثمن حتى ان كان ذلك على حساب الابرياء والمدنيين العزل الذين باتوا اشبه بحطبٍ في تنور الحوثي.