وسط خواء الضمير وقسوته تمتلئ صفحات واقعنا بصور كثيرة من الألم بعناوين مختلفة ما إن نتصفحها سرعان ما تستحضر ذاكرتنا ذلك الحاجز الذي كسرناه في إنتاج الظلم ومعه الاستبداد بشتى أنواعه, حتى انه ليخيل إلينا أن ثورة الربيع العربي غدت مجرد أعشاب يابسة تطفو على نهر الباطل الذي تجاهل وجودها ليبقى الضحية الأوحد هو المواطن البسيط يتحمل واقعاً مريراً لا يملك حياله قراراً ولا يجد معه استقراراً يعيشه بأحاسيس جريحة وأمنيات خائبة كثيراً ما ترتطم بصخور واقع قاسٍ يرتد صداها في خواء الأمل المفقود. أمام منزل متشقق منهارة واجهته في مديرية النواهي محافظة عدن كانت تقف أمام بوابته مستسلمة تستعيد أنفاسها بصعوبة تلتقطها من بين أضلع قلبها المفطور قائلة:( ياولدي نحن أسرة منكوبة, زوجي مختل عقلياً ستجده أمامك في أحضان القمامات وأنا أتحمل عبء أربع أسر ومعهم احفادي لابنتي المتوفية ومثلهم لابنتي المطلقة التي تم فصلها من عملها "منتجع العروسة" ولم نكن نملك غير مرتبها نطعم به أطفالنا واليوم لم يتبق لنا سوى 4 آلاف ريال يمني نستلمها من بيت هايل ولا يعلم بحالنا إلا لله.. وأخذت أم أشجان تردد: نحن تعابا ياولدي والله تعابا ) وتحشرجت كلماتها بشهيج البكاء ولم تكمل, لكننا أدركنا بان القهر قد بلغ منه مبلغه حتى انه لم يترك منها للكلام فسحة. الأسباب سارعت أشجان جوهر تكفكف دموع والدتها لتواري ضعف والدتها وأخذت تواسيها ( اصبري يا آماه فالله باق ولا ينسى عباده ولن يغفل عما يعمله الظالمون ).. وبدأت أشجان تحكي تفاصيل قصتها مع منتجع العروسة بحرقة الأم المتألمة المتماسكة التي لا تريد أن يظهر ضعفها: ( كنت موظفة في منتجع العروسة السياحي التابع للمؤسسة الاقتصادية اليمنية في قسم الإدارة الفندقية منذ عام 2005 بمرتب 20 ألف ريال يمني بدوام رسمي من الساعة ال7 صباحا وحتى ال8 مساء إلى أن تم فصلي والاستغناء عن خدماتي ومعي 15 موظفاً وموظفة بسبب مشاركتنا في دورة تدريبية تأهيلية في خليجي 20 بعد أن اعترض على ذهابنا مدير الإدارة الفندقية محمد ابو الخير, فصممنا انا وزملائي الذهاب للاستفادة بعد أن توجهنا بشكوى إلى المدير العام الذي لم يتجاوب معنا. العقاب أشارت أشجان جوهر إلى كثير من التعسفات التي كانت تتعرض لها وزملاءها من قبل إدارة المنتجع أثناء خدمتهم فيه, لكنهم كانوا مجبرين على التحمل بسبب ظروفهم ثم واصلت الحديث بعد ذلك ذهبنا أنا وزميلاتي للمشاركة في الدورة دون أن نقصر في عملنا لكننا تفاجئنا بقرار فصلنا من العمل والاستغناء عن خدماتنا دون توضيح الأسباب وتم توقيف مرتباتنا وحرماننا من جميع مستحقاتنا (المكافأة نهاية الخدمة ) التي تنص عليها المادة 24 من القانون رقم 26 لعام 91 لتطبيق التأمينات الاجتماعية فتوجهنا بعدها بشكوى إلى مكتب الخدمة المدنية ومكتب الشؤون الاجتماعية عدن الذي بدورة وجه مذكرة استدعاء (اشعار بالحضور ) لمدير عام منتجع العروسة السياحي (حصلت الصحيفة على نسخة منه). الحرمان هند جامع زميلة أشجان جوهر تعرضت للفصل من العمل هي الأخرى من منتجع العروسة السياحي دون صرف مستحقاتها وهي حالياً طريحة الفراش تعاني من مرض السكر الذي ارتفع إلى 400 كما تعاني والدتها من جلطة في الوقت التي تسكن العائلة في منزل بالإيجار ولا يوجد من يعولهم ولا أي مصدر دخل لديهم بعد ان تم الاستغناء عن هند في منتجع العروسة التي عملت فيه لمدة 7 سنوات.
التربص جميل قايد الصلاحي موظف في منتجع العروسة السياحي منذ عام 2001 وتدرج في عدة وظائف آخرها مسئول التحصيل والديون لحسابات (القوات المسلحة والأمن ) وتم فصله من العمل بسبب خلافات مع المدير العام بخصوص العمولة 7% التي خصصت له من نسبة عملية التحصيل.. وقال جميل:( أراد المدير أن يسحب مني العمولة ويحولها لصالحه مع أن لديه منها 3% لكنه أراد أخذ عمولتي التي هي بدل سفر إلى صنعاء ومعاملات وإيجارات وعندما تم ابتعاثي إلى صنعاء وتم تحرير شيك باسمي بملغ "مليون و50 ألف ريال" طلب مني المدير تحويل المبلغ له فرفضت, لأن هناك مديونية متبقية علي من حسابات أيجار ومعاملات .. وبعدها تم إشعاري بالتوقيف عن العمل وتوقيف مرتبي والتقدم بشكوى ضدي إلى النيابة العامة بتهمة اختلاس مليون و50 ألف , إلا أن النيابة برأتني بعد أن قدمت السندات التي تثبت توريد المبلغ في حساب المنتجع ووجهت النيابة بصرف مرتبي, إلا أن إدارة المنتجع تجاهلت أمر النيابة , ثم وجهت القاضية خلود أمراً آخر بصرف مرتبي ووافق المدير العام, إلا أن المستشار القانوني للمنتجع امتنع وقال بان أمر النيابة لا يعنيه).. وأشار جميل إلى انه يمر بظرف قاسية بعد توقف مرتبه لمدة عام وأن له أباً معاقاً وأماً مريضة ولديه 3 أبناء ويسكن في منزل بالإيجار ولا يملك سداد ما عليه. منتجع العائلة قال كل من جميل وهند وأشجان وجبار وغيرهم بأن منتجع العروسة السياحي أصبح منتجع العائلة المالكة التي تديره وأوضحوا بأن صادق الجلوب يشغل إيرادات المنتجات والبوابة وهو صهر المدير وأن محمد مصلح الكهالي مدير المراجعة (ابن أخت المدير ) وعلي هادي الكهالي حسابات الصندوق هو ابن اخ المدير وحامس المطري مسؤل الأشغال(قريب المدير) وحسام ومحمد- ابناء المدير مسؤلا الاستقبال.. وطالب موظفو منتجع العروسة الذين تم الاستغناء عن خدماتهم, الإدارة العامة للمؤسسة الاقتصادية بإلزام إدارة المنتجع بصرف مكافأة إنهاء الخدمة, مشيرين الى أنهم عملوا بإخلاص واستطاعوا إعادة مديونيات للمنتجع كانت معلقة منذ 2005 تقدر ب 300 مليون ريال وبدلاً من مكافأتهم وتكريمهم تم فصلهم من جميع المستحقات (العيديات- وجبة الغذاء- ساعات الراحة - المكافأة ).. لافتين إلى أنهم تحملوا الكثير من الشتائم الغير لائقة أثناء عملهم في المنتجع.
