الرئيس العليمي: هؤلاء هم أبطال ملحمة تحرير ساحل حضرموت من العناصر الإرهابية    الرياض.. أمين عام الإصلاح يستقبل العزاء في وفاة الشيخ الزنداني    حزب السلم والتنمية يعزي الإصلاح وأبناء فقيد اليمن الكبير الشيخ الزنداني ويسرد مناقبه    قناة mbc تفتح النار في تقرير لها على الشيخ "الزنداني"    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    كأس إيطاليا.. يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته من لاتسيو    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    في اليوم 201 لحرب الإبادة على غزة.. 34262 شهيدا و 77229 جريحا    إصابة طفلين بانفجار لغم من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوب الحكايات المسرحي
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 02 - 2015

إذا كانت النصوص المسرحية تُكتب عادة بهدف عرضها في صالة، فإن أعمال سعد الله ونوس (1941-1997) الأخيرة منها على الخصوص، لها امتياز الجدارتين معا: أن تُقرأ كروايات وقصص، وأن يجري تمثيلها على خشبة وتُشاهد كعرض مسرحي مثل أي عرض آخر.
المتخصصون في المسرح من نقاد ودارسين كثيرا ما يعودون إلى النصوص المكتوبة، يقرؤونها، ويتوقفون مع موضوعها، وشخصياتها، وتنامي أحداثها، ورصد مواقع التقاطع ونقاط الالتقاء، وتوزع المشاهد والفصول.. وما إلى ذلك.
أما نظارة المسرح، فتعنيهم الفرجة على الخشبة أولا, يعنيهم الممثلون من لحم ودم، أصوات حية، حركة أجساد, وتعابير وجوه، وانفعالات, وردود أفعال عبر الحركة، فضلا عن الإضاءة والملابس والموسيقى، أي أنهم يرنون إلى المشاهدة, إلى رؤية حياة مصغرة فوق خشبة وقد نُقلت من الخارج الفسيح وأعيد بناؤها وتوزيعها داخل صالة.
عبقرية ونوس
من النادر لدى عموم النظارة وجمهور المسرح مطالعة نصوص الأعمال المسرحية, سواء قبل مشاهدة العرض أو بعده. فالمسرح يعني الذهاب إلى الصالة والفرجة على ما يجري فوق خشبتها، كما الحال إزاء الذهاب إلى صالة السينما ومشاهدة فيلمها على الشاشة.
"حين كتب ونوس أعماله الأولى فإن ثمة مشروعا كان يهدف إليه وهو إقامة فرقة المسرح التجريبي، وفعلا عمل على إشادته يدا بيد مع صديقه وتوأم مشروعه المخرج فواز الساجر، وقد أبدعا فيما قدماه"
ما يميز أعمال سعد الله ونوس المسرحية -فضلا عن المتعة في مشاهدة عروضها- أنها تُقرأ أيضا.. تُقرأ كقصص وروايات, ولكن باختلاف شكل السرد فيها. وإذ يختلف الشكل، فإنما يقدم معمارا حكائيا عبر حوارات وأفعال مكتنزة بالدلالة والمعنى, وعلى الأخص بالجاذبية التي يصعب الإفلات منها قبل الصفحة الأخيرة من النص.
إبداع ونوس ومأثرته أنه استطاع تحويل الأوراق بين دفتي كتاب إلى خشبات صغيرة، يقلبها القراء خشبة بعد خشبة، فتتحقق لهم الفرجة بالمقروء، تماما كما تتمكن بعض النصوص الروائية والقصصية -وبموهبة السارد لها- من جعل القارئ يرى ويشاهد ما يقرؤه.
وأحسبُ أن الحكاية أو "الحدوتة" هي العمود الفقري، والخلفية الرئيسية والأساس العريض الذي يقوم عليه حوار النص المسرحي، حتى كأن ونوس يُمسرح حكاية أو رواية بأكثر مما يُلبس الحوار ثوبا حكائيا، وهو بهذا يمنح متعة لا تتوفر على الدوام لقارئ النصوص المسرحية.
من ناحية أخرى, حين كتب ونوس أعماله الأولى فإن ثمة مشروعا كان يهدف إليه وهو إقامة "فرقة المسرح التجريبي"، وفعلا عمل على إشادته يدا بيد مع صديقه وتوأم مشروعه المخرج فواز الساجر (1948-1988)، وقد أبدعا فيما قدماه آنذاك من عروض, غير أن رحيل صديقه وشريكه فواز خلف لدى ونوس شعورا بأن "موته أشبه بالخيانة"!!
وفي الواقع، فإن تشبيه الرحيل "بالخيانة" لم يكن من قبيل التعبير الانفعالي عن عمق الصداقة الشخصية بينهما، بقدر ما كان انعكاسا لمشاعر القلق الكبير لدى ونوس, وتساؤلا واقعيا على مسار ومصير المشروع المسرحي الضخم الذي تنكبا -معا متلازمين- مهمة القيام به وإنجازه.قوة الكتابة
ويمكن لكل من اطلع على تجربة هذين المبدعين أن يلحظ بوضوح كيف أن ونوس لطالما وجد في فواز الساجر نصفه المسرحي إخراجا، كما وجد الساجر في سعد الله ونوس نصفه المسرحي تأليفا, وهو ما يدلل على مصداقية القلق وحجمه جراء غياب أحد طرفي المعادلة المسرحية إبداعيا.
"جمهور المسرح في سوريا لم يكن ليميز بين المؤلف والمخرج، إذ يمكن لمن يحضر عرضا أن يقول: شاهدت مسرحية لفواز الساجر, أو يقول: شاهدت عرضا لسعد الله ونوس, على حد سواء"
ومما يشير إلى التلازم الفني والارتباط الصميم بين عمليهما أن جمهور المسرح في سوريا لم يكن ليميز بين المؤلف والمخرج، إذ يمكن لمن يحضر عرضا أن يقول: شاهدت مسرحية لفواز الساجر, أو يقول: شاهدت عرضا لسعد الله ونوس, على حد سواء.
ومن دون أية مغالاة, يمكنني التأكيد أن النصوص المسرحية لسعد الله ونوس المكتوبة في السنوات الخمس الأخيرة من حياته مثل "طقوس الإشارات والتحولات" و"منمنمات تاريخية"، يمكن ضمها إلى تلك الفئة من النصوص المسرحية التي يُخشى عليها من النقل إلى خشبة المسرح, تماما كالخشية من نقل بعض نصوص الأعمال الروائية الكبرى إلى الشاشة الكبيرة.
وهي خشية تكمن أسبابها -في اعتقادي- في جمال النص المكتوب, وفي قوة تعبير الحوار وكثافته، والدلالات التي تشع من مفرداته، وكذا في تجسد الشخصية الذي يتخلق من نثر الحوارات, ردا بعد قول، وجوابا إثر سؤال، وكل هذا وغيره هو ما قد يثير توجسات لدى مَن يقرأ النصوص على مدى إمكانية النجاح في تقديمها على خشبة المسرح.
وفيما قلته سابقا لا أعني -بحال من الأحوال- أن مسرحيات ونوس ذهنية كُتبت لتُقرأ فقط, بل لتُعرض على خشبات المسارح من دون أدنى شك, خاصة بسبب اكتنازها بما هو حي وواقعي وعملي من حيواتنا وأحلامنا ومشاغلنا, وكذا من همومنا -التاريخية منها كما الحاضرة- المحمولة على شخصيات في تراثنا بالغة التماثل والتقاطع مع شخصيات واقعنا العربي الحديث, غير أن عرضها على يد مخرج يحتاج إلى عناية مشددة أكثر من المعتاد, من دون أدنى شك أيضا.
كاتب وقاص سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.