أدى المئات من الفلسطينيين أمس صلاة الجمعة في شوارع مدينة القدسالمحتلة بعد منعهم من الصلاة في المسجد الأقصى لأول مرة منذ 1969، جراء اشتباكات أدت إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين ومقتل إسرائيلييْن. واعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفتي القدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين، وأغلقت أبواب المسجد الأقصى إلى إشعار آخر. وأدى الفلسطينيون الصلاة في شارع صلاح الدين وباب العامود وباب الأسباط ووادي الجوز، وسط وجود كثيف لعناصر الشرطة الإسرائيلية. وردد المصلون بعد انتهاء الصلاة "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" و" الله أكبر". وكانت السلطات الإسرائيلية أغلقت بوابات البلدة القديمة في القدس، وقالت في تصريح مكتوب -حصلت الأناضول على نسخة منه- إن القائد العام للشرطة الإسرائيلية في القدس يهورام هاليفي قرر إغلاق أبواب المسجد. ولكن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوضح أن إغلاق المسجد سيكون ليوم واحد. من جانبه حذر وزير شؤون القدس ومحافظة المدينة عدنان الحسيني من محاولات إسرائيلية لفرض وقائع في المسجد مستغلة ما جرى صباح أمس الجمعة، في إشارة إلى عملية نفذها 3 فلسطينيين في منطقة باب الأسباط المؤدي إلى المسجد الأقصى. وقال "نسمع تصريحات من مسؤولين إسرائيليين عن نية فرض إجراءات جديدة، وهذا أمر مستهجن ومرفوض". وفي تطور آخر، اعتقلت سلطات الاحتلال مفتي القدس الشيخ محمد حسين من محيط المسجد الأقصى. وقال مرافق المفتي لوكالة رويترز إن المفتي اعتقل بعد أدائه صلاة الجمعة ونقل إلى جهة مجهولة. وكان الشيخ حسين دعا إلى أداء صلاة الجمعة في المسجد الآقصى رغم القرار الإسرائيلي بإغلاق المسجد. كما رفضت فصائل فلسطينية قرار الشرطة الإسرائيلية إغلاق الأقصى حتّى إشعار آخر، داعيةً الشعب الفلسطيني إلى الصلاة في المسجد. إلى ذلك فقد استشهد ثلاثة فلسطينيين خلال اشتباك مسلح في باحات المسجد الأقصى أسفر أيضا عن مقتل اثنين من أفراد شرطة الاحتلال الإسرائيلي وإصابة ثالث بجروح خطيرة، كما استشهد أيضا فلسطيني رابع خلال مواجهات اندلعت في مخيم الدهيشة قرب بيت لحم. وقالت مصادر إعلامية في القدس إن جهاز المخابرات الإسرائيلية فرض أول الأمر تعتيما كاملا على هوية الشبان الثلاثة رغم أنها متوفرة لوسائل الإعلام، قبل أن يسمح لاحقا بالإعلان عنها. وأضافت أن الشهداء الثلاثة فلسطينيون من مدينة أم الفحم داخل الخط الأخضر ويحملون الهوية والجنسية الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبره المفتش العام لشرطة الاحتلال غير مسبوق و"تجاوز كل الخطوط الحمراء" وقال إنه يتوجب تحقيقا مستفيضا لمعرفة الدوافع من تنفيذ هذه العملية. أما الشهداء الثلاثة فمن عائلة واحدة، وهم محمد (29 عاما) ومحمد حماد (19 عاما) ومحمد فضل جبارين (19 عاما). ووقعت الاشتباكات حوالي السابعة والربع بالتوقيت المحلي عند منطقة باب الأسباط المؤدي إلى الأقصى المبارك، عندما أطلق الشبان الثلاثة النار على قوة للشرطة الإسرائيلية موجودة على الباب من مسافة قريبة جدا، ثم دخلوا كما يبدو إلى باحات المسجد الشريف حيث طاردتهم قوات من الشرطة الخاصة واشتبكت معهم فاستشهدوا في صحن قبة الصخرة المشرفة. وعلى الفور، فرضت قوات الاحتلال طوقا أمنيا شاملا على البلدة القديمة، وأعلنت منع إقامة الصلاة الجمعة يوم أمس بالأقصى المبارك، وإخلاءه من جميع المصلين وإغلاق جميع أبوابه، في سابقة هي الأولى منذ حريق الأقصى عام 1969. وتعتبر هذه العملية المسلحة الثانية في غضون ثلاثة أسابيع التي ينفذها فلسطينيون داخل مدينة القدس، وربما تكون الأولى التي يحدث فيها اشتباك مسلح داخل باحات المسجد الأقصى. وفي أول رد فعل لها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن "عملية القدس رد طبيعي على الإرهاب الإسرائيلي وتدنيس المسجد الأقصى" وقالت في بيان للقيادي سامي أبو زهري إن "العملية تأتي تأكيدا على استمرارية الانتفاضة ووحدة الشعب الفلسطيني خلف المقاومة". وكان مفتي القدس الشيخ محمد حسين دعا الفلسطينيين إلى أداء صلاة الجمعة في الأقصى المبارك رغم القرار الإسرائيلي بإغلاق المسجد الشريف، وقد وصل الشيخ إلى باب الأسباط لكن الشرطة الإسرائيلية منعته من الدخول. وفي تصريح للصحفيين، قال مفتي القدس إن "الأقصى" إسلامي ولا يحق لسلطات الاحتلال أن تمنع الصلاة فيه، مشددا على أن إغلاقه أمام المصلين "أمر مستهجن ومرفوض" وقال "أدعو المصلين إلى القدوم والصلاة في المسجد الأقصى". كما اعتبر وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية عدنان الحسيني إعلان الشرطة الإسرائيلية إلغاء صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى بأنه "أمر غير مقبول ومرفوض فلسطينيا" مؤكدا أن إلغاء إقامة خطبة وصلاة الجمعة في الأقصى لم تحدث منذ عام 1969 على أثر حرق أجزاء من المسجد. وطالب إسرائيل بالتراجع عن هذا القرار. واعتبر الحسيني أن "الاحتلال الإسرائيلي بكل سياساته ومضايقاته وضغوطه على الفلسطينيين يتحمل المسؤولية عن أي ردود فعل، وبالتالي يجب إنهاء الاحتلال كونه جوهر المشكلة وسبب التوتر في القدس وفلسطين". كما دانت الحكومة الفلسطينية -على لسان الناطق باسمها طارق رشماوي- قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام باحات المسجد الأقصى وإغلاقه في وجه المصلين ومنعهم من أداء صلاة الجمعة فيه، واصفا هذه الإجراءات بأنها إرهابية. ومن جانبه، استهجن مديرُ المسجد الأقصى عمر الكسواني إغلاق المسجد الشريف أيضا مطالبا إسرائيل بالعدول عن قرارها في الوقت الذي وجه فيه دعوة للمقدسيين بالنزول إلى محيط البلدة القديمة والصلاة في الشوارع إذا ما استمر إغلاق المسجد. وعلى صعيد أخر فقد حذر ألامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أمس الجمعة من اشتعال للعنف في أعقاب عملية القدس التي نفذها 3 فلسطينيين استشهدوا لاحقا في باحة الأقصى برصااص الاحتلال، و دعا الأطراف كافة إلى تفادي التصعيد. وقتل شرطيين إسرائيليين اثنين في أحد أخطر الحوادث التي تشهدها هذه المنطقة التي تعتبر محور النزاع الفلسطيني، الإسرائيلي . وأدان غوتيريش الهجوم مضيفا ان “هذه الحادثة كفيلة باشعال مزيد من العنف، على الجميع التصرف بمسؤولية لتفادي التصعيد”. كما أشاد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على ادانتهما السريعة للعنف وتأكيدهما رفضه خصوصا في الاماكن المقدسة بالقدس. وقال الأمين العام ان “حرمة المواقع الدينية يجب احترامها كأماكن للتأمل لا للعنف”. وفي سياق أخر استنكرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس″، أمس الجمعة، إدانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعملية التي شهدها المسجد الأقصى المبارك. المتحدث باسم “حماس″ عبد اللطيف القانوع قال “تستنكر حماس إدانة رئيس السلطة عباس لعملية القدس وتعتبر ذلك تنكرا لحق شعبنا في مقاومة الاحتلال وخروجا عن إرادته الوطنية”. وأضاف “إدانة العملية اصطفاف مع الاحتلال الصهيوني المجرم الذي يواصل جرائمه ويغلق بوابات المسجد الأقصى ويمنع أداء الصلاة فيه ويعيث خرابا وتدميرا بمرافقه وأبوابه”. وفي وقت سابق أمس الجمعة، بحث عباس، هاتفيا، الأوضاع في المسجد الأقصى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعبّر عباس، عن رفضه الشديد لما جرى في المسجد الأقصى، وإدانته للحادث، كما أكد رفضه لأي أحداث عنف من أي جهة كانت، وخاصة في دور العبادة، حسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”.