منذ قرابة عامين والمليشيا الانقلابية تجثم على صدر منطقة الشقب الواقعة شرق مديرية صبر الموادم جنوب محافظة تعز في محاولات يائسة منها للسيطرة على المنطقة والتي من خلالها سيصلون إلى موقع العروس الاستراتيجي بقمة جبل صبر والذي بدوره سيمكنهم من السيطرة على مديرية صبر الموادم واستعادة مديرية مشرعة وحدنان ومدينة تعز.. وتكتسب منطقة الشقب أهمية إستراتيجية عسكرية بالغة حيث تعتبر المنفذ الوحيد المتاح للمليشيا الحوثية للعودة إلى مديريات صبر الثلاث: "الموادم- المسراخ- مشرعة وحدنان" والتي إن تمكنت من السيطرة عليها ستصبح مدينة تعز لقمة سائغة لهم وسيتم السيطرة عليها بسهولة بالغة.. ونظراً لهذه الأهمية للمنطقة لاتتوقف المليشيا عن شن هجماتها المتكررة بغية السيطرة عليها وخلال معاركها تلك فإنها تضع المدنيين كهدف مشروع لهم. وقد تجددت المواجهات المسلحة منذ منتصف الأسبوع الفائت بين مسلحي الحوثي وقوات الجيش الوطني في المنطقة، وسقط خلالها عدد من القتلى والجرحى بينهم مدنيون ليصل بذلك أعداد الضحايا من المدنيين والعسكريين منذ بدء المواجهات فيها قبل حوالي عامين إلى أكثر من 200 بين قتيل وجريح، وسقط بالمقابل عدد كبير من مسلحي الانقلاب حيث يتجاوز عدد القتلى- حسب بعض التقديرات- 800 قتيل وجريح. إهمال مؤخراً تجددت المواجهات المسلحة بين مسلحي الحوثي وقوات الجيش الوطني في منطقة الشقب شرق مديرية صبر الموادم جنوب مدينة تعز. وسقط خلالها في صفوف الجانبين عدد من القتلى والجرحى.. ليصل بذلك أعداد الضحايا من المدنيين والعسكريين منذ بدء المواجهات فيها قبل حوالي عامين إلى أكثر من 200 بين قتيل وجريح، بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل ونزوح مئات الأسر. وقد وجهت عدد من القيادات الميدانية وأفراد في الجيش الوطني بصبر الموادم محافظة تعز اتهامات مباشرة للأحزاب السياسية بالمحافظة بعكس صراعهم السياسي على جبهة الشقب حيث أهملتها والتقاعس في تحريرها. وتعاني جبهة الشقب- آخر مواقع وخطوط المواجهات المباشرة بين الجيش الوطني وجماعة الحوثيين الانقلابية في شرق مديرية صبر الموادم، من إهمال كبير من قبل قيادة الحيش الوطني بمحور تعز وذلك منذ بدء المواجهات فيها منتصف أغسطس من العام 2015م وحتى اللحظة. حيث تشكو الجبهة والسكان القريبين من مناطق الاشتباك من إهمال الجيش للجبهة رغم أهميتها كونها تشرف على مديرية الدمنة احد اكبر معاقل الانقلابيين في محافظة تعز. بداية الرحلة في أغسطس من العام 2015م قام الجيش الوطني- المقاومة الشعبية سابقا- بتحرير مديريتي صبر الموادم وصبر مشرعة وحدنان وأجزاء كبيرة من المدينة في عملية عسكرية خاطفة. إلا أن تلك العملية لم تصل إلى أقصى شرق مديرية صبر الموادم، حيث تقع منطقة الشقب المطلة على مديرية دمنة خدير وعلى مواقع الحوثيين في أطراف مديرية المسراخ. ومن حينها والحوثيين يعدون عدتهم لاستعادة مديريات صبر والمدينة وذلك عن طريق بوابة الشقب وشنوا هجماتهم بشكل متواصل عليها لكنهم لم ينجحوا في تجاوز المنطقة. ورغم أهمية الجبهة والمعارك التي لا تتوقف فيها إلا أنه- بحسب تأكيد بعض القيادات فيها- لم تتلق من قيادة المحور أدنى اهتمام مقارنة ببقية جبهات تعز. ونقل موقع المشاهد عن مصادر ميدانية في جبهة صبر الموادم قولها أن جبهة الشقب لم تجد التعاون المطلوب من قبل قيادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بالمحافظة والمديرية. مؤكدة في الوقت ذاته أن متطلبات الجبهة لا يتم تلبيتها إلا بنسب بسيطة، رغم المعارك المستعرة بشكل شبه مستمر ضد الحوثيين الذين يحاولون الوصول إلى موقع العروس الاستراتيجي بقمة جبل صبر والذي سيمكنهم من استعادة مديرتي صبر الموادم ومشرعة وحدنان وكذا المدينة التي استعادتها الشرعية منهم قبل ذلك. وقد اتهمت بعض تلك القيادات- التي فضلت عدم الكشف عن هوياتها- الأحزاب السياسية بإهمال جبهة الشقب كنوع من أنواع الكيد السياسي بين تلك الأحزاب حيث يرفضون تحريرها لأن النصر فيها سيكون محسوبا لحزب معين يسيطر عليها ويقود معاركها منذ البداية. وبحسب روايات بعض الجنود الذين شاركوا في معارك "الشقب" في بدايتها فإن المقاومة الشعبية لم تكن تمتلك شيئا لمواجهة الحوثيين باستثناء السلاح الخفيف وحتى هذا السلاح ليس ملكا للمقاومة بل ملكا شخصيا للمقاومين. ورغم ذلك كانوا يعانون من شح كبير في الذخيرة ، إلى درجة أنهم فقدوا عدد من المقاتلين قتلوا بعد أن نفذت عليهم الذخيرة. شهادات ويقول بسام ناجي أحد مناضلي التحرير في معركة تعز وجبهة الشقب على وجه التحديد رغم أنه ليس من الجيش وأحد من شاركوا في معارك الشقب منذ بدايتها قبل أن ينتقل مؤخرا إلى جبهة أخرى: "لم يكن لتمتلك الجبهة وسيلة تنقل أو إمداد وما زالت كذلك لا تمتلك طقما عسكريا واحدا". ويضيف: "ومما عايشناه هناك أنه كان القائد الشهيد عبد العزيز محمد عبده قائد جبهة الشقب حينها ورئيس لجنة التسليح في مجلس مقاومة صبر يقطع طريق صبر الموادم فالعروس فطريق النجادة الشقب- وهي طريق وعرة وطويلة- متنقلا فوق الدراجات النارية أو بعض سيارات المنطقة موزعا وقته بين قيادة المعارك والمتابعة لجمع الذخائر من أماكن وجبهات مختلفة وكذا لتوفير المؤن الغذائية التي كانت لا تكفي إلا لسد الرمق". ويتابع: وظل كذلك دون أن تلتف إليه قيادة المقاومة حتى استشهد في مقدمة الجبهة في 31 ديسمبر 2015 وكان سبب استشهاده عدم وجود الدعم الكافي من السلاح والذخائر، فاضطر لمواجهة الحوثيين هو وعدد قليل من الشباب حتى استشهد. من جانبه يقول شهاب عبد الحكيم- قائد مجاميع وأحد الأفراد الذين انظموا لجبهة الشقب منذ بدايات المواجهة فيها وحتى الوقت الحالي- أن الأفراد في الجبهة يفتقرون لأبسط الأمور ومن ذلك عدم وجود مؤنة غذائية كافية، فغالبية الأيام في الجبهة يشعر المقاومون بالجوع بالإضافة إلى عدم وجود أسلحة متنوعة كافية وكذا الذخيرة ففي أحيان كثيرة تنفد علينا الذخيرة وتسقط بعض المواقع بيد الحوثيين ونضطر لاحقا لاستعادتها ولكن بضحايا آخرين. ويتهم عبد الحكيم بعض قيادات المقاومة والحيش في جبهة صبر وتعز بشكل عام بنهب اعتماد جبهة الشقب ويطالب بفتح تحقيق واسع لكشف المتورطين في ذلك. الجدير بالذكر أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية شنت خلال العامين الماضيين هجوما متكررا على معاقل الحوثيين وحققوا خلاله تقدمات كبيرة وصلت في أحيان كثيرة إلى تحرير الشقب بشكل كامل. غير أن غياب الدعم والإسناد من المحور والمقاومة الشعبية سابقا أحبط تلك النجاحات الأمر الذي أدى إلى انسحاب القوات لتعود قوات الحوثي إلى المنطقة مجددا لتتقاسم الجبهة مع قوات الجيش الوطني ورغم ذلك تضل قوات الأخير هي المتحكمة بسير المعركة ومسيطرة على أهم المواقع فيها. صور من المأساة تعد منطقة "الشقب" أحد المسارح التي تمارس فيها كافة أنواع العبثية من الحرب والقصف المدفعي للحوثيين وتقاعس الجهات المسؤولة في الجيش والمقاومة لاستكمال تحرير المنطقة الصغيرة. يقول الناشط السياسي عبد السميع شريح، وهو من أبناء المحافظة، أن الشقب أصبحت عنواناً للعبثية والاستنزاف والبطولة أيضاً. وأضاف حسب اطلاعه على الوضع في المنطقة: "أن الشقب أصبحت جبهة منسية وضعت بين فكي مفترس.. نيران الانقلابيين وعبث المتاجرين بالحرب". ويصف الوضع في المنطقة ب" ترويع وحصار خانق ومجاعة ومعاناة تخيم على الشقب والقرى المحيطة منذ أكثر من سنتين وعشرات الضحايا من النساء والأطفال والعجزة سقطوا بنيران المدفعية والصواريخ ورصاص القناصة الانقلابيين. وأشار إلى أن حوالي 100 شهيد من شباب المقاومة في الشقب وكحلان والرهن وباقي قرى عزلة النجادة، التهمت أرواح معظمهم جبهة الشقب والباقون توزعوا على جبهات تعز المختلفة وبضعة منهم في صرواح. وأوضح "أنه وبين العشرات من الجرحى المهملين معاقون بترت أطرافهم بالألغام يفتقر بعضهم لعكاز يستعين به على الوقوف. واستطرد قائلاً: "ولمن لا يعلم فالشقب تحررت أكثر من مرة وبتضحيات جسيمة، وبعد كل انتصار كان يعيدها الخذلان في ليل معتم لسيطرة الأعداء دون مقاومة أو مواجهة تذكر، لتستمر دوامة القتل والاستنزاف وتبقى الشقب جرحا مفتوحا وجبهة ملتهبة تدر على تجار الموت سمنا وعسلا. حسب وصف الناشط شريح. آثار ونتائج ونظرا لعدم وجود العزم من قبل قيادة الجيش والمقاومة على تحرير الجبهة فقد تلقت منطقة الشقب من جهة وقوات الجيش الوطني من جهة أخرى لخسائر كبيرة لكنها- مقارنة بخسائر الحوثيين- قليلة جدا. فحسب أحدث إحصائية ذكرها فريق رصد لانتهاكات حقوق الإنسان فإن إطالة عمر المعارك في المنطقة سبب كارثة إنسانية. حيث وصل عدد الضحايا المدنيين إلى 89 ضحية بين قتيل وجريح منهم أربع حالات قتل لنساء وثلاث لأطفال من أصل 18 حالة قتل لمدنيين. فيما بلغ عدد الجرحى 69 حالة منهم 43 نساء وأطفال، كما تسببت الحرب هناك بتدمير 66 منزلا منهم 54 دمروا بشكل كلي. بالإضافة إلى أضرار أخرى أصابت بعض دور العبادة والمزارع وخزانات المياه وملحقات أخرى، فيما يصل عدد الأسر النازحة إلى 326 أسرة. وتشير الأرقام الطبية في محافظة تعز إلى أن أعداد قتلى وجرحى الجيش الوطني تتجاوز المائة قتيل وجريح وهو رقم كبير بالنسبة لبقية الجبهات، ومن جهة أخرى تذكر بعض التقديرات وقوع ما يزيد عن ثمانمائة وخمسين قتيلا وجريحا في صفوف الحوثيين. ويناشد سكان منطقة الشقب وقبلهم مقاتلي الجبهة قيادة المحور بالاهتمام بالجبهة لتحريرها بأسرع وقت ممكن وذلك لوقف معاناة السكان من جهة وتخفيف الضغط على الجيش الوطني من جهة أخرى.