لقد استبشرنا خيراً بقيام ثورتنا السلمية, بكل مكوناتها وروافدها وأنصارها. حيث غدت بحق, ثورة شبابية شعبية. ولأن البيئة اليمانية, بيئةٌ استقطابية, والقوى الاجتماعية والسياسية مازالت مشبعة بثقافة الشك, والثأر, وعدم التسامح تجاه خصومها, ومخالفيها في المذهب, والرأي, وتتسم بضيق الأفق, وعدم القدرة على استشراف المخاطر ومآلها! بل إن هذه القوى, ما زالت مولعة باستحضار صراعات الماضي ونزاعاته, وحبيسة ماض تستجر حروبه وآلامه, بدلا من العيش في الحاضر بثورته, والتطلع بثقة وأمل نحو المستقبل. وقد كانت المحصلة: حدوث تشتيت لقوة مكونات الثورة وروافدها, وأنصارها! حيثُ يُشاهدُ انتشار القوة وتشرذمها, بل وتضادها بين المتخاصمين, بل المتصارعين (القدامى _الجُدد ), رغم أنهم ضمن مكونات الثورة وأنصارها. والخطورة هنا, أن المتضرر الأول, من هذا الخصام والعداء هي الثورة وقواها, فبدلاً من تكتيل الجهود, ومواجهة أعداء الثورة ومضاديها, فقد انقسم متخاصمو الأمس, وأنصار ثورة اليوم إلى فرقٍ وشيع. وتم إعادة ترتيب أولوياتهم وتحالفاتهم؛ بحيثُ أبعدتنا عن هدفنا الرئيس, والمتمثل في تحقيق أهداف ثورتنا ومبادئها! وكي لا يكون الكلام على عواهنه: فمثلاً, يبدو أن كلا من التجمع اليمني للإصلاح, واللواء/ علي محسن الأحمر وأنصارهما قد غدوا مُقَدمِين , في العداوة لدى الحوثيين, على عداوة الحوثيين لعلي عبد الله صالح وأنصاره! وبالمقابل, يبدو أن الإصلاحيين واللواء/ علي محسن الأحمر وبقية حلفائهم, قد جعلوا كلا من الحوثيين, وعلي عبد الله صالح وأنصاره عدوا مشتركاً لهم! وهكذا غدونا نشاهد, في عهد الثورة (فسطاطين يمانيين جديدين)! وكأن لسان حال الثورة يقول: ( لي ربٌ وشبابٌ يحمياني ) من دون بقية القوى المتحالفة والمتصارعة معاً. فثمة اصطفاف قد يصل إلى درجة التحالف بين بعض القوى المناصرة للثورة مع أعدائها, في مواجهة قوى أخرى من أنصار آخرين للثورة وحلفائهم! والمحصلة أن الثورة قد غدت بين شقي رحى؛ أو أنها وقعت بين خصمين: ثورة مضادة من جهة, وخصوم جدد كانوا أنصارا للثورة, وغدوا ضمن الثورة المضادة ذاتها! إنها حالة استقطابية جديدة وطارئة, ليست لصالح التعجيل في تحقيق أهداف الثورة ونصرتها! والأخطر أن المذهبية قد استُدعيت ليتدثر بها (المتخاصمون والمتحالفون الجدد)! صحيحٌ أن من أهداف ثورتنا السلمية, التخلص من الظلم والفساد والاستبداد, ونقل اليمنيين من تخلفهم وماضيهم الصراعي نحو حاضرٍ تسوده الحرية والعدالة والمساواة؛ فإن من الصحيح أيضاً, أن الخصومات والتحالفات الجديدة قد تؤجل نصرة الثورة, وتزيد من كُلفتها, وربما تؤجج صراعاتٍ جديدة, في غير مصلحة الثورة, بل وربما قد تهدد اليمن (مجتمعاً ودولة ووحدة معاً). ومما يزيد الطين بِله, أن هذه الاصطفافات والتحالفات, تُغذاء وتُدعم من الخارج؛ وها قد غدونا نسمع عن (أصحاب السعودية) و(أصحاب إيران) وبينهما (أصحاب قطر)! ويُعد (الراعي الأمريكي) هو الأكثر استفادة من هذه (العبثية اليمانية)! ختاما: أيها الإخوة الحوثيون, أنصروا الثورة بمنأى عن كراهيتكم للإصلاح, أو تخوفكم من تنامي قوته. أيها الإخوة الإصلاحيون: كونوا مع الثورة من دون كراهية للحوثيين ومن شايعهم. واعلموا جميعاً, أنه لم يعد بإمكان أية حركةٍ أو حزبٍ الانفراد بالسلطة والثروة من دون الآخرين. إن الثورة في انتظار تآلفكم ونصرتكم لها, فلا تحذلوها؛ فالتاريخ لا يرحم, يرحمنا ويرحمكم الله.