يتعين علينا تمَلُّك معايير واضحة للتمييز بين أصدقائنا وأعدائنا. ويبدو أن من مصلحة ثورتنا وضع تصورٍ واضحٍ لأولوياتنا، والتركيز ابتداءً على درء خطر أعدائنا وخصومنا، والسعي لإجهاض خططهم وأفعالهم العدائية تجاه ثورتنا. وقطعاً ليس من مصلحتنا صُنع أعداءٍ جدد، أو تمكين أعدائنا من الوصول قبلنا إلى ما يسمى ب(الفئة الصامتة) والتأثير عليها. إن حالة الاستقطاب الحاد، والفرز الضيق؛ سواء على أساسٍ طائفي ومذهبي أو مناطقي وقبلي، الذي تشهده ساحتنا اليمانية؛ ليس قَدَراً محتوماً! كما أنه لا يساعد على نصرة ثورتنا، وتحقيق أهدافها الإنسانية والوطنية الرحبة. إنني أبغض منطق "من ليس معي فهو ضدي"؛ فهو منطق إقصائي وغير تسامحي! كما أن محاولة تقسيم اليمانيين واليمانيات إلى (ملائكة) و(شياطين)، سيفوّت علينا الفرصة لبناء سلطة دولتنا المدنية العادلة المنشودة. وقد يستدعي لدى البعض (قابلية الشَيْطَنَة)؛ فيتشيطنون، وينفضون عن ثورتنا، بل وربما يسعون إلى (شَيْطَنَة ثورتِنا)، فيتحالفون مع أعداء الثورة، وأعداء الوطن في آنٍ. وحينئذٍ سنخسرهم وتخسرهم ثورتنا معاً، وهذا سيصب في مصلحة أعداء الثورة وخصومها، خاصة في ظل هذه البيئة اليمانية المستقطبة، والحاضنة لثقافة العنف وعدم التسامح فيما بيننا كيمانيين ويمانيات! يوجدُ في اليمن مستبدون وفاسدون، يواجههم ثائرون صادقون، أما ماعدا ذلك فليس ذا جدوى لثورتنا ووطننا؛ وبالتالي لا يعنيننا، وليس محط اهتمامنا. إن الثورة هي معيارنا في تحديد هوية عدونا ؛ فمن وقف ضدها أو خذلها، هو الجدير بعداوتنا. فيا مَنْ تطالبوننا باستعداء الآخرين من الذين كانوا حتى وقت فريب، يُوسمون بأحد مكونات الثورة وأنصارها؛ هاتوا برهانكم على استعدائهم لثورتنا، وسنكون معاً في مقاومتهم، وإحباط مخططاتهم؛ نصرة لثورتنا ووطننا. يا هؤلاء اختاروا مكاناً أو (حلبةً)، صفوا صراعاتكم وحساباتكم فيهما، بعيداً عن ثورتنا، وبمنأى (حكاية العصا ومسكها من الوسط)؛ فنحنُ لا نجيد سوى حمل أقلامنا، وحمل أرواحنا على أكفنا. أما العصا ففيها فوائدٌ سجلها القرآن الكريم، على لسان نبينا موسى (عليه السلام)، منها: "إننا نعتمد ونتوكّأ عليها في المشي، ونهشّ بها على أغنامنا، ( مع ملاحظة رفضنا القاطع لثقافة القطيع)، التي غدا يستحسنها البعض ويروّج لها"! مع مراعاة ضرورة مقاومتنا لثقافة العصا وحظر ضرب طلبتنا بها؛ كي ينشأ جيلٌ قويٌ يواجه الأعداء، ويبني الأوطان معاً. صحيحٌ أن أمثالنا العربية تتحدث عن (إن العصا لمن عصى). ولكننا نرى أن سلاح القانون هو عصانا القادمة في مواجهة المستبدين والفاسدين في آنٍ. فلتتكاتف الجهود، وتتشابك الأيدي الثائرة ضد طغاتنا وفاسدينا الحاليين، يرحمنا ويرحمكم الله.