الناس يحتفلون بثوراتهم وبربيعهم المزهر، وسوريا تقطر دماً بسبب الجروح التي أثخنت جسدها رصاصات الغدر والعمالة والطغيان. احتفلوا بيوبيلكم الذهبي أو الفضي أو الشمسي أو القمري أو ما شئتم، فسوريا لن تمتلك الوقت لكي تشرب الماء البارد، قبل أن ينكسر الكأس في يدها ويتلطخ جسدها بدماء النيران الصديقة. عداد الموت مستمر في ترقيم الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والكبار والصغار، وضمير العالم لا يعنيه كل ذلك الإحصاء المستمر لتلك الرؤوس المذبوحة بغير الطريقة الإسلامية!!. لم تينع رؤوس أطفال سوريا حتى قطفتها قوات الأسد وهي رطبة، انتهت الإنسانية والعاطفة والأخلاق في قلوب الناس، وأصبحت مشاهد القتل والتشريد أشبه بأفلام وثائقية تمر على الخاطر بحمل خفيف. لقد تفرقت كل قوى العالم عن سوريا، وتوالت المؤامرات إثر بعضها، ولم يكن مع الشعب السورية إلا "الله" وحده. والله يُمهل للظالم ، حتى إذا أخذه لم يُفلته. الثورة السورية تمتلك مفتاح أسبابها بحق، ومن يداهن أو يتمالى في الوقوف معها فهو خاسر أفاك آثم، ولو لم يكن لنا من نصرتها إلى أنها هتفت " ما لنا غيرك يا الله" لكانت كافية. من كان يظن أن في ثورة سوريا ذرة من مصداقية، وذرة من أسباب موضوعية، فليقف في صفها، وليهتف لسوريا الحرة وليعلم أنه مع الفئة المظلومة لا الظالمة. ومن كان يظن أن في ثورة سوريا أدنى مثقال من الضرورة، فليراجع نفسه وليعلم أنه يقف مع الفئة الباغية. الفئة الباغية التي تقتل الأطفال والنساء والمواليد والرضع، وتحصد الشجر والحجر، ونحن نتفرج على التلفاز ونقول أنها مؤامرة. نعم، إنها مؤامرة دولية لتصفية أبناء الشعب السوري، وردم تاريخهم إلى أسفل السافلين لصالح قوى متغطرسة عالمية وإقليمية وعربية لا تخشى الدم الحرام، ولا تمتنع عن المال الحرام، وتغرق إلى رقبتها في نزيف الأخلاق المنهمر. سوريا اليوم على وشك تصفية للبشر والتاريخ والجغرافيا، من أجل شخص وحزب وقوة عسكرية عائلية علوية خبيثة, ولا يوجد من دول الجوار من يقف لمواجهة هذا النزيف الدموي المؤلم. لقد غدرنا سوريا ألف مرة ومرة، ولا زالت طعناتنا تثخن في جراحاتها، وهي تتأوه من الألم ، وهي تردد " ما لنا غيرك يا الله". هذه ثورة لن تنكسر، ولن يعدم رجالها من قوة إلهية تقوي عزائمهم، وتضرب إليهم رقاب الجبابرة من رجال الأسد وسدنة ملكة. لقد انعدمت الحلول، وتقطعت السبل، وخذلهم الجيران، وتركهم الأصدقاء، وذبحهم الحلفاء، ولم يبقى لهم إلا "الله" ومن كان الله معه فلن يضيع. ألمنا يزداد وتضرعنا يكثر وأملنا في نفس الوقت يعظم أمام هذه الصمود الأسطوري الذي لم يخذله كل معوقات الشرق والغرب في مواصلة تحرير ارض الشام من قبضة الطائفة الأسدية العلوية الآثمة. من يحاول اليوم أن يتصنع لسوريا وبشار وحلفاؤها فهو يقف في صف القتلة، ضد صف المقتولين.. في صف الفئة الباغية ضد الفئة المظلومة المنصورة إن شاء الله بجنود السماء. تبدأ صباحات السوريين كل يوم ب100 شهيد، ويتوسدون آخر النهار بمثله. طائرات سوريا تهوي على النساء والأطفال، وهي تحمل كل حقد وإجرام وتضع قنبلاتها في أجساد الضعفاء، وترمي بمخلفاتها في قلوبهم الطاهرة. لقد آن الأوان أن يترفع كل عربي عن كل ما يشغله في بلده ونفسه، ليعمل جاهدا من أجل إيقاف المجازر والنكبات التي يتعرض لها الشعب السوري العظيم. أين القوى السياسية، أين منظمات المجتمع المدني، أين القومية، أين القوى الدينية؟ لتعلن تضامنها الكامل وغير المشروط لإنقاذ هذا الشعب المسكين من القتل والدمار بالإنسان وبالأرض والهوية والقيم الإنسانية. درجات المعاناة كثيرة، وسوريا معاناتها فاقت كل الدرجات التي تعرض لها أي شعب عربي . لا أحد يكترث لسوريا خصوصا بعد أن تجاوز عداد الموت فيها 35 ألف شهيد وشهيدة، قضوا نحبهم خلال عام ونصف من الثورة في سوريا. القتلة لا يأبهون بعدد الضحايا، فهم يعربدون على أوردة الأطفال، وشرايينهم، وتفجير دمائهم في تجسيد لا خيالي، بتعاون وتنسيق من حلفاء الصهيونية من موسكو لطهران، وعلوجها في لبنان والعراق لسفك دماء الضحايا مرة أخرى بالكذب والبهتان. تحت أنظار العالم ترتكب عائلة الأسد جرائمها بتصفية الشعب السوري الحر، ببرود لا يضاهيه سوى برود النظام الدولي وحكام كرتيلات الفساد العربي.