عندما انتفضت الشعوب العربية في ثورة شعبية عارمة فيما صار يعرف ببلدان ثورة الربيع العربي، على مستوى المحيط الإقليمي أو الدولي، ولقد فاجأ التوقيت (أقول التوقيت لأن معطيات ورصيد العمل الكفاح والوطني كان حاضرا أو ظل يتنامى ويتسع حتى واتته اللحظة التاريخية والظروف التي ساعدت في الإعلان عن الثورات) بشكل فاجأ الجميع وإن أتت المقدمات والمعطيات والأسباب والرصيد متوافرة، هذه المفاجأة استوى أمامها راعي الغنم في أي منطقة نائية من أرجاء الوطن العربي الكبير، وأمريكا التي يقال إنها تمتلك أكبر وأكفأ جهاز استخباراتي، وبالتالي فلم تستأذن هذه الثورة الشعبية العارمة في أقطار الربيع العربي لا أمريكا ولا غيرها بصرف النظر عما تحاول ان تردده بعض القوى أو الأفراد بسذاجة وسطحية أن أمريكا هيأت ورتبت وخططت إلى آخر هذا الزعم المريض والانبهار العاجز أمام السذج أولئك، إلا أن تكون واشنطن هي من خطط لتلك الشرطية التونسية أن تتصرف بتلك العنجهية إزاء البطل محمد البوعزيزي ثم قامت واشنطن بالإيعاز لهذا البطل أن يحرق نفسه، وهكذا تذهب تباعا وبسطحية مركبة تفترض خططا أعدها الأمريكان لإشعال تلك الثورة الشعبية الشبابية الفريدة. إن رجل الشارع البسيط يسم هذا التفكير بالبلاهة والغباء والتبعية المفجوعة للأمريكان. يؤكد هذا الموضوع أن وزيرة الخارجية الأمريكية التي عجزت بلادها أن يكون لها دور إيجابي تجاه الثورة السورية، والتي بقيت مواقف بلادها في إطار مربع المناورة بهدف الابتزاز، والتحرك بخداع لتجميل وجهها، وعجزت عن لعب أي دور إنساني -هذا إذا أحسنا بها الظن- فإذا بها أمام هذا العجز الفاضح تطلق تصريحا قبيحا تحمل فيه الضحية المسؤولية، وتذرف دموع التماسيح لتصف الثورة والثوار أنها وقعت في يد المتطرفين. من المؤكد أن الثورة في سوريا أو غيرها لم تأخذ إذنا من واشنطن أو غيرها، ولم تعول الثورة في سوريا أو غيرها في نجاحها على الأمريكان أو غيرها، وإنما انطلقت الثورات العربية معتمدة على الله وحده ثم على صمود الشعب العربي بكل فئاته وقواه السياسية والاجتماعية الحية. فلتعالج واشنطن عجزها أمام القوى الدولية الأخرى بأي طريقة تريدها دون اللجوء إلى مثل تلك الأعذار الخائبة والهزيلة التي تتهم الثورة أو الثوار.