• إلى قبيل إشعال الفتنة الحالية كان الشعب اليمني بسواده الأعظم يكن لدولة قطر كل الحب والاحترام من منطلق أن هذه الدولة هي عربية إسلامية شأنها شأن دول هذه المنظومة وعلى الرغم من سماع همسات ربما بريئة من أرباب المتابعات والمماحكة السياسية عن ضلوعها بصورة أو بأخرى في قضية هنا أو تدخل سافر هناك لكننا حينها لم نكن نعبأ لذلك أو نلقي له بالا . • وبعد أن انقشع الغطاء وبدأت ملامح الأزمة تظهر في الأفق حتى تبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر التآمر القطري الحديث على الساحة العربية بدءا من ثورة تونس ومرورا بمصر حتى الاستغراق في معظم دول المنطقة تحت مبرر واهم ينطوي بتحرير هذه الدول من حكمها الساري في العقود الزمنية الأخيرة على اعتبار أن أشقاءنا قد أنعموا على شعوبهم بكل معاني الحياة من عدالة ومساواة وحياة لا ينقصها ديمقراطية العصر الحديث بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم يتبق سوى تعميم نظام المشائخ على بلداننا حتى تكتمل الصورة . • أما البحث والتحري حول ماهية ذلك وحقيقة انشغال الدولة الشقيقة بأحوال أخواتها من دول الضاد فإنه يندرج تحت مسميات عدة ويحتاج لتفسيرات ليس من ضمنها حسن النية والحرص على العيش الهني لشعوب المنطقة لأن لو كان مثل ذلك صحيحا لتم وفق آلية ميسرة من خلال مد يد العون الكريم والسخي وفتح قنوات مشرقة ومضيئة يستفيد من برامجها وتنفيذها سكان أبناء الجلدة الكرام وبأقل خسارة ممكنة مما يحدث في تنفيذ الوجه المعاكس . • لكن المؤكد الذي لم يعد خافيا على أحد أن قطر تسعى في السير وفق أجندات مدروسة بغض النظر عن أي حسابات فلربما ساءها وقوفها السلبي وعن كونها دولة لا تكاد ترى في الخارطة الجغرافية وعن كون تعداد سكانها لا يتجاوز سكان إحدى مديريات اليمن المغمورة فارتأت لنفسها خطا آخرا لم تعتاده من قبل من خلال لبس رداء ما كان لها أن ترتديه لاتساعه عشرات المرات عن حجمها الطبيعي . • لذا وجدنا أن الدولة الشقيقة أوجبت لنفسها أن تشتري كل شيء طالما أن إرثها وتاريخها ومقوماتها كدولة لا يخرج عن كونها دولة بترولية يتعدى دخلها السنوي مائة مليار دولار حسب ما قرأنا لذا وجدنا أنها بدون رجال مرموقين سياسيا أو فكريا أو ثقافيا أو علميا ففتحت الباب على مصراعيه نحو الاحتراف ليس في مجال الرياضة فحسب بل وصل الأمر إلى كل المجالات بما في ذلك علماء الدين الذين يقدمون طبخات فتاويهم وفق ما يطلبه المطبخ السياسي القطري إلا كما قال أحد المثقفين الساخرين فتاوي ( عقوق الوالدين ) التي لا تنطبق على مولاهم الحاكم بأمره . • وللتعرج أكثر حول هذه الجزئيات للبيان والتبيين فلنا أن نتمعن حول مدى قوة هذه الشقيقة حتى يلتاكها الناس صباح مساء وتصبح قاسما مشتركا في كل ما يدور على الساحة ومن مختلف مناح الحياة من خلال جلوسها الدائم على طاولات الحوار ظاهرا وباطنا وتبنيها لتصدر حل القضايا العالقة وحشر نفسها رغم انف الجميع في إيجاد المبادرات والحلول في خلافات اكبر بكثير من حجمها الطبيعي . • وللعرض بقية أيضا إذ هل كنا يوما نعتقد أن تفوز قطر بحق تنظيم أهم واكبر تظاهرة رياضية على وجه الكرة الأرضية والمتمثل بكأس العالم والتفوق على دول لا توجد أدنى مقارنة معها من حيث التاريخ الإنساني أو الرياضي والأغرب الأعجب من ذلك كيف تستطيع مثل هذه الدولة تنظيم هذه البطولة الكبرى رغم أن الشعب اليمني برمته وقف مهللا وبكل صدق لحظة إعلان النتيجة ومنه ما كان على الهواء مباشرة في ملعب الوحدة بأبين ، ولكن حضور اثنين وثلاثين دولة بطواقمها الفنية والإدارية والإعلامية والجماهيرية يضع الأمر في منتهى الصعوبة وأقرب للمستحيل حيث أننا حينها قد لا نجد شبرا واحدا للوقوف عليه في مساحة دولة قطر . • فهل علينا أن نذعن للأمر وان الأصوات الهامسة لا بد يوما أن ترتفع وأن ما تحظى به الدولة الشقيقة يأتي ضمن مخططات قريبة وبعيدة الأمد كان بدايته إنشاء الفيروس الأكثر فتكا وخطرا إعلاميا والمسمى بقناة الجزيرة والتوغل الأعمق في حياة بسطاء الناس من دول هذه المنطقة العربية الذين أشبعهم الفقر ظلما وأدخلهم في دهاليز ضنك العيش ولم يرحم تاريخهم وحضارتهم كما هو الحال في أرض القيروان والكنانة وبلاد العرب السعيدة . • ولسنا ندري أي ظلم اقترفه اليمنيون تجاه أشقائهم حتى يقابل بهذا التجني ومحاولة زرع الفتن إذ أننا في اليمن نتحدى أيا كان عن أي دور عدواني أو تآمري قامت به اليمن تجاه أي بلد صديق كان أم شقيق أو أي دولة على وجه الأرض ، حتى يشغل هؤلاء أنفسهم في البحث عن أساليب الضرب تحت وفوق الحزام تجاه هذا البلد الذي يحاول وله الشرف في ذلك لإيجاد آليات حديثة تمكنه من اللحاق بركب الدول الأكثر انسجاما وتجانسا في شتى مناحي الحياة . • وللبقية الباقية مما تبقى لدى دولتنا الشقيقة من قيم ومبادئ أن يكفي ما حدث ويحدث لبلادنا ودعوا الناس يعيشون بأمن وسلام كان إلى وقت قريب عنوانا رئيسيا لهم وهذا من حقهم ولا بد للأشقاء أن يعرفوا أن النار إذا استعرت وحمى لهيبها فلن ينجو احد من جحيمها لأنها ستأكل الأخضر واليابس ولن ينجو منها احد وكفى ما حدث من عبث وتجن لسكينة الناس واتركوا شعبنا برجاله ونسائه وشبابه وأطفاله يرتضي لنفسه العيش الذي يتمناه ويقرر حق مصير وفق نظامه وشريعته التي يؤمن بها لأنكم حتى اللحظة تدركون أنكم أمام شعب عظيم يمتد تاريخه لجذور بدء التاريخ الإنساني الأول ولا نعتقد أنكم مهما حدث ويحدث تتجاهلون هذه الحقيقة . *كاتب من محافظة البيضاء