من المعروف لدى العرب أن ناقة البسوس التي رماها كليب وأصاب ضرعها قد تسببت في حرب استمرت لمدة أربعين عاماً بين قبائل عربية جاهلية . وكما قيل في المثل معظم النار من مستصغر الشرر . ما يجري في صعدة من حصار وقتال بين أنصار الحوثي وطلاب الحجوري قد يكون الشرارة التي ستشعل حرباً طائفية ومذهبية مقيتة في اليمن قد لا يسلم من نارها أحد ولن تعدم تلك الحرب من يغذيها ويمولها على المستوى الداخلي والإقليمي . ولا يخفى عنا جميعاً ما تشهده المنطقة من تجاذبات واستقطابات وتحديات وخلافات خاصة بين قطبي المنطقة السعودية راعية السنة وإيران حامية حمى الشيعة وبينهما توتر خطير وطويل حول قضية مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن وموقف السعودية من الثورة في سوريا وتقرير وكالة الطاقة الدولية وقائمة طويلة من المشاكل والطرفان يعرفان تكلفة وضخامة تفجر حرب شاملة بينهما على المنطقة والعالم سياسياً واقتصادياً وعسكريا كونهما من أكبر مصدري النفط والغاز في العالم ويقعان على ممرات بحرية هامة للتجارة الدولية . وعليه فإن اليمن وهي الخاصرة الرخوة في المنطقة والبلد الذي تضعف فيه الدولة المركزية على حساب قوة الجماعات والقبائل سيكون المكان المناسب لتصفية حساب إيراني سعودي وهذا ليس مستبعداً إذا توفر المال فقد نرى حرباً بالوكالة تقضي على ما تبقى من كيان الدولة وتسفك فيها دماء اليمنيين وتجعل اليمن نهباً لكل طامع ومرتعاً لوكالات الاستخبارات الأجنبية وبيئة خصبة لانتشار الجماعات المتطرفة من كل الأطراف . وبغض النظر عن دعاوى الحوثيين ورد السلفيين فإن هذا المركز موجود منذ عشرات السنين والحوثي الذي كان يشتكي من الإقصاء والتهميش فلن يكون مبرراً لهم أن يدافعوا عن حقهم بمصادرة حقوق وحرية الآخرين ونحن في اليمن نعيش ثورة تنشد الحرية والكرامة والتسامح وحرية الفكر والتعبير والمعتقد . وليس من المعقول أن تقبل القوى الحية السياسية والفاعلة بمصادرة أي فكر أو مذهب أو اتجاه لأن هذا هو قمة التمييز والإقصاء والتهميش وإذا كان الحوثيون شركاء الثورة يعتبرون أن التغيير سيبدأ بالقضاء على دماج فهذا نذير شؤم على اليمن برمتها وعلى صعدة وما حولها لأن ما نسمعه من إجراءات تعسفية وتقييد للحريات في صعدة ليس ما كنا ننشده ونتمناه . ولعلنا ندرك أن مرحلة المراهقة السياسية التي تعيشها كل الأحزاب والجماعات في اليمن قد أثرت على مختلف القوى السياسية وكشفت لنا الثورة عن حجم الخلل في الفهم والاستيعاب لبعضنا البعض فإننا نعتبر تلك إيجابية كشفت لنا عن نواحي القصور التي يجب معالجتها وتفاديها مستقبلاً . الحل يبدأ اليوم بتشكيل لجنة وطنية من مختلف القوى السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني تزور صعدة ودماج على وجه الخصوص وتطلع على حقيقة الوضع وتعمل على نزع فتيل الفتنة وتعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحصار وتلزم الطرفين برفع كل الاستحداثات العسكرية من خلال وثيقة إخاء وحسن جوار واحترام بين الحوثيين وجيرانهم السلفيين وبذلك نحقن دماء المسلمين ونحافظ على بلدنا من التدخل الأجنبي الخارجي ونؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة والتفاهم والتسامح أما الإقصاء والتهميش فلن يقودنا إلا إلى أزمات وحروب وانشقاقات نحن في غنى عنها . وحفظ الله اليمن .