تعرف الثورة بأنها فعل عفوي غير منظم يهدف الى إحداث تغيير جذري شامل ، ووفقا لهذا المضمون فكل من خرج ثائرا لم يكن بينه وبين غيره ترتيب أو تنسيق أوتنظيم مسبق ، أو يخضع الجميع لقيادة موحدة يتلقون أوامرها ويخضعون لتوجيهاتها ، خرجوا فقط استجابة لشعورهم جميعا بضرورة وحتمية تغيير أوضاع حياتهم ، وهم يدركون تماما أن الثمن يمكن أن يكون حياتهم ، أو سلامتهم الجسدية ، إذا الجميع يدرك أن السكوت لم يعد مجديا ، وأن الثورة هي الامل في التغيير ، وأن الخروج للثورة هو الذي سيغير الاوضاع ، وأن لهذا الخروج ثمن، وأن كل ثائر يدرك أنه معني بدفع هذا الثمن مهما كان باهضا ، فالثائر قد يمضي الى سبيل ربه لكن هدف الثورة يتحقق لانه يستحيل وفقا للمجري الطبيعي للامور أن يدفع الثوار الثمن ولا يتحقق الهدف ، وإلا كان معنى ذلك أن الثورة ليست ثورة ، وإنما شيئ . هذا الشيئ الاخر هو الانقلاب الذي يعرف بانه فعل منظم يهدف الى إزاحة الممسكين بالسلطة عنها والحلول محلهم دون أن يكون تغيير الاوضاع العامة ضمن أهداف الانقلابيون ، فقط ينشدون الوصول الى السلطة فهم أنانيون يفضلون مصالحهم على مصلحة المجتمع، وربما يكونوا أشد طغيانا ممن أنقلبوا عليهم وقد يبدأ الطغيان بمحاكمات وإعدامات والقاء الابرياء في غياهب السجون ، فكم هو الفرق كبير والبون شاسع بين الثوار والانقلابيون ، وأهدف الثورة وهدف الانقلاب ، وكم هي المأساة كبيرة عندما تتحول الثورة اليمنية ليس الى الانقلاب بل الى مايشبه الانقلاب ، لقد كانت في بدايتها الى مابعد جمعة الكرامة ثورة بكل ما للكلمة من معنى لكن من ركبوا موجتها حولوها الى مجرد نصف انقلاب عندما سيطروا على نصف الحكومة ونصف الثروة ونصف الوظيفة العامة ، ونصف ...ونصف...! ومعلوم أن الانقلابيون ضد أي حكومة لا يرضون بأقل من السيطرة على السلطة بالكامل ، وإزاحة وإعدام أو نفي من كانوا ممسكين بزمامها وهذا يعد تسامحا من الانقلابيون ان نفو من انقلبوا عليهم ، فلماذا تسامح الانقلابيون في بلادن ورضوا فقط بالنصف من كل شيئ ؟ وحرموا الثوار من كل شيئ ! لسبب بسيط هو أنهم مشتركون مع من انقبلوا عليهم في إجرامهم وفسادهم وطغيانهم وبدلا من أن تكنسهم الثورة جميعا اعتقدوا أن ركبوهم موجتها ونزولهم ساحاتها قد طهرهم من فسادهم وطغيانهم ... لكن هيهات فالثورة لن تموت، والثوار الحقيقيون لن ينسوا أن أولئك الانقلابيون باعوا دماء شهدائهم بثمن بخس، وباعوا ثورتهم بنصف انقلاب!!!