التاريخ أدوار متناقضة حتى عندما يُعيد نفسه. فمثلاً الإمام البدر أخرج عبد الله السلال من السجن, فقيل أنها غلطة دفع ثمنها البدر فخسر بذلك عرش اليمن. اليوم وبعد اثنين وخمسين عامًا يعود بدر الدين من نفس الدروب التي سلكها حميد الدين..!! كل الخيارات السلمية مفتوحة أمامه وزد على ذلك خيارات الحرب أيضًا, قد يُحاصر صنعاء.. قد يستبيح العاصمة بجيشه.. قد يعتصم فيها..!! يجب أن أنوه بأن الرصاصة الأولى لن تكون منه, قد تكون طائشة.. أو مقصودة.. أو من طرف ثالث لكنني متأكد بأن الرصاصة الأخيرة ستكون للقادم من جهة الشمال. لا تقلقوا يا قوم على العاصمة صنعاء فغدًا سيحلق المشير بمروحية ويذهب ليستلمها من القائد الميداني أبو علي الحاكم. لقد مر على عرش اليمن ثلاث رؤساء يحملون رتبة المشير وهي ذات دلالة قوية لأنها أعلى رتبة في الجيش, اثنان أصبحا في ذمة التاريخ بينما الثالث متذبذب داخل معتكف سياسي, أو ربما أوهم نفسه بأنه يقضي استراحة انتقالية وكأنه يحكم سويسرا التي لا تملك جيشًا, لا يعلم الشعب أين ستكون الوجهة القادمة معه وإذا كان هناك ثمة خطر فأي وجهة سيكون إليها المفر. خطابات مملة ترعد مثل سحابة لا تلبث أن تنقشع, ثم لا تجد غيثًا منها, ولا تسلم أذناك من هزيم رعدها. الاستهتار الرسمي بالتحديات الجدية والسكوت الشيطاني حد الخرس عن كل الخروقات والتهديدات هو دليل ضعف وعجز لا دليل حلم وحكمة. المشير السابق تمتع بفراسة حين اختار رجلين لمنصبين كان يخشى على عرشه منهما لكن الأيام والأحداث أثبتت فراسته بأنهما يفتقدا عنصر الثقة بنفسيهما, ويبحثا عن دافع لهما من الخلف. لا نريد إدخال الدولة في صراع مع أي جهة لكن من يحمي المواطن من تعنت بعض الجماعات؟ من يحمي النظام من السقوط؟ من يسند الدولة من الإنهيار؟ من يمنع الشعب من الانجرار نحو العنف؟ من يصد الساسة الذين يرقصون على جماجم الضحايا, ويلعبون على جوع الناس؟ من يحول دون استغلال الشارع اليمني لا لمنفعة عامة وإنما لمصلحة حزبية سياسية تؤدي إلى تدهور أكثر, وانهيار كامل لبقايا الدولة إن كانت موجودة أصلاً؟ نحن نشجع أي تيار يتبنى مشروع اقتصادي يمنع الجرعة, أو إصلاح مالي بديل يسقطها, أو رؤية تجفف الفساد الحاصل. نحن مع إسقاط الحكومة, وإلغاء الجرعة لكن في الوقت عينه ما هي الضمانات بألا تنهار الدولة, وألا نستنسخ الصوملة, وألا يتفسخ المجتمع إلى مليشيات وبؤر للصراع, أو على الأقل ما هو الضامن بأنها ليست سوى هواية التزلج على الأمواج لموهوب طامح يحب دخول غمار المسابقة؟