سمّى العلماء في مركز هاتفيلد للعلوم البحرية في جامعة ولاية أوريغون الانفجار اسم "بيوتوانغ غرب المحيط الهادئ"، ويقولون إن أقرب تخميناتهم هي أنّه نوعٌ جديد من نداءات الحيتان لم يُسمع قبلاً. واستمر الصوت ما بين ثانيتين ونصف و3 ثوانٍ ونصف الثانية، ويتضمّن النداء المكون من 5 أجزاء أصوات عويل عميقة بتردد منخفض يصل إلى 38 هرتزاً، ونهاية معدنية يصل ترددها إلى 8 آلاف هرتز. تقول شارون نيوكيرك، الباحثة المساعدة الجامعية الرفيعة في مجال الصوتيات الحيوية البحرية بولاية أوريغون، إن الصوت مميز جداً، بكل هذه الأجزاء المجنونة. "جزء العويل منخفض التردد عاديٌ عند الحيتان البالينية، والصوت الأنفي الشبيه بصوت الوتر هو ما يجعله فريداً حقاً". وتابعت الباحثة قائلة: "نحن لا نكتشف الكثير من النداءات الجديدة للحيتان البالينية". صوت بيوتوانغ غرب المحيط الهادئ سجّلته المنزلقات المحيطية الصوتية، وهي آلات يمكنها السفر بشكل مستقل لأشهر في المرة الواحدة والغوص حتى 1000 متر تحت الماء. الصوت الأقرب إلى صوت بيوتوانغ هو صوتٌ يُدعى "حرب النجوم" Star Wars، تُصدره أقزام حيتان المنك على الحيد المرجاني العظيم قرابة الساحل الأسترالي الشمالي الشرقي، وفقاً للباحثين. ويقع خندق ماريانا، وهو أعمق نقطة معروفة في محيطات الأرض، بين اليابان شمالاً وأستراليا جنوباً، ويُظهر أعماقاً تزيد على 36 ألف قدم. حيتان المنك هي حيتان بالينية، ما يعني أنّها تتغذى باستخدام أطباق بالينية في فمها لفلترة القواقع والأسماك الصغيرة من ماء البحر، وتعيش في أغلب المحيطات. وتُنتج هذه الحيتان مجموعة من النداءات المحددة حسب المنطقة، والتي بالإضافة إلى نداء حرب النجوم تتضمّن نداءات "البوينغ" في شمال المحيط الهادئ والنبضات منخفضة التردد كالقطارات في الأطلنطي. وتقول نيوكيرك، المؤلفة الأساسية في الدراسة التي نُشرت نتائجها مؤخراً في دورية مجتمع أميركا الصوتي: "إننا لا نعرف حقاً الكثير عن توزيع حيتان المنك على دوائر عرض منخفضة (حول خط الاستواء). هذا الجنس هو الأصغر بين الحيتان البالينية، ولا يُمضي الكثير من الوقت على السطح، ولديها نفثات غير ملحوظة، وتعيش في مناطق حيث البحار العالية تجعل رؤيتها صعبة. لكنها تطلق نداءاتٍ متكررة، ما يجعلها مرشحّة جيدة للدراسات الصوتية. وتقول نيوكيرك إن صوت بيوتوانغ، شمال غربي المحيط الهادئ، يحمل تشابهات كافية مع نداء حرب النجوم -وهي التركيب المعقّد، ومدى الترددات والنهاية المعدنية- لدرجة تجعل من المنطقي التفكير في أن مصدره حوت المنك. لكن العلماء لا يمكنهم التيقن حتى الآن، وتظل العديد من الأسئلة مفتوحة. على سبيل المثال، ترتبط نداءات الحيتان البالينية بالتزاوج وتُسمع بشكلٍ رئيسي في الشتاء، إلا أن صوت البيوتوانغ سُجّل على مدار العام. وتشير نيوكيرك، وهي جزء من الفريق بالمعهد التعاوني لدراسات الموارد المائية، وهو شراكة بين جامعة أوريغون ومعمل الأحياء المائية البيئية بالمحيط الهادئ التابع للإدارة المحيطية والجوية الوطنية، إلى أنه "إن كان نداء تزاوج، فلماذا نتلقاه طوال العام؟". "نحن في حاجة إلى تحديد معدل تكرار النداء في الصيف بالمقارنة بالشتاء، ومدى توزيعه حقاً". وأضافت نيوكيرك: "والآن وقد نشرنا هذه البيانات، نأمل أن يتمكن الباحثون من التعرف على هذا النداء في البيانات السابقة والقادمة، وفي النهاية ينبغي أن يتمكنوا من تحديد مصدر الصوت". ويحتاج الفريق إلى المزيد من البيانات، ومن ضمنها تعرّف جيني وصوتي، ومرئي على المصدر لتأكيد النوع واكتساب بصيرة حول كيفية استخدام الصوت. "أملنا هو حملة استكشافية تخرج إلى هناك وتتتبع مكان الصوت، وتجد الحيوانات، وتأخذ عيناتٍ تشريحية وتعرف بالضبط ما الذي يُحدث ذلك الصوت. إنه صوتٌ مذهل وغريبٌ حقاً، والعلم الجيد سيفسّره". وقد أرسل علماء من الإدارة المحيطية والجوية الوطنية بجامعة ولاية أوريغون بالاشتراك مع خفر السواحل الأميركي جهازاً أمضى 3 أسابيع يسترق السمع في قاع الخندق.
التقطوا أصوات حيتانٍ ودلافين عابرة، ومحرك دفع سفينة واستمعوا حتى إلى زلزال ضرب المنطقة في يوم السادس عشر من يوليو/تموز. "ستظن أن أعمق نقطة بالمحيط ( تشالنجر ديب) ستكون واحدة من أهدى بقاع الأرض"، قال روبرت دزياك، باحث في علم المحيطات بالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي وكبير العلماء في المشروع. "إلا أن هناك ذلك الضجيج المتواصل الصادر من مصادر طبيعية وأخرى من صنع البشر". وأضاف دزياك: "أما الصوت السائد في أعمق نقطة بالمحيط، فهو صوت الزلازل -القريبة والبعيدة على حد سواء- وكذلك، ذلك الصخب الهائل الناتج من إعصار من المستوى الرابع الذي حدث من قبل. وهناك أيضاً الكثير من الضوضاء الناتجة من حركة السفن والتي يمكن التعرف عليها من خلال الصوت الذي تصدره مراوح السفينة عند مرورها". هو قريب جداً من نقطة تشالنجر ديب وهو مركز إقليمي للشحن بين الصين والفلبين. وأوضح الباحثون أن الوصول لتلك النقطة كان صعباً، قبل أن يتم وضع مكبر الصوت في حقيبة من التيتانيوم وقاموا بإنزالها إلى قاع المحيط. "لم نقم بوضع مكبر للصوت في عمق أكثر من ميل واحد أو تحت السطح مباشرة، لذا يعتبر وضع مكبر صوت في عمق أكثر من 7 أميال تحت سطح الماء عملاً شاقاً" ويوضح فريق العمل: "اضطررنا إلى إسقاط مكبر الصوت في الماء بسرعة 5 أمتار خلال الثانية الواحدة تقريباً. مثل تلك الأجسام لا تحبذ ذلك التغير السريع وكنا خائفين من أن يكسر الهيكل الخارجي الذي يحيط بمكبر الصوت". امتلأت ذاكرة المكبر خلال 23 يوماً من وضعه بالأسفل؛ وذلك بسبب استمرار وجود تلك الزلازل وعبور السفن من هناك. وتم إنقاذ المكبر عن طريق إرسال إشارة صوتية من السفينة بالأعلى؛ وذلك كي يعود مرة أخرى إلى سطح الماء. سمحت له العوامات المتصلة به بأن يرتفع تدريجياً للسطح. "الأمر أشبه بإرسال مسبار فضاء إلى الفضاء الخارجي"، قال دزياك، "نحن نرسل مسباراً بحرياً إلى الأعماق المجهولة من الفضاء الداخلي". في ذلك، العمق يصبح الضغط هائلاً. في منزل الشخص العادي أو مكتبه، الضغط الجوي يكون نحو 14.7 رطل لكل إنش مربع (101 كيلو باسكال)، لكن في قاع خندق مارينا يكون أكثر من 16.000 رطل ( 110.000 كيلو باسكال) وصُمم المشروع لإنشاء خط أساس لقياس الضوضاء المحيطة في أعمق نقطة بالمحيط الهادئ. الضوضاء بشرية المنشأ، أو التي يتسبب فيها الإنسان، نمت باطراد في العقود العديدة الماضية، وسوف تسمح هذه التسجيلات للعلماء في المستقبل بتحديد ما إذا كانت مستويات الضوضاء تتزايد. ويحلل ديزياك وزملاؤه، في الشهور الماضية، الأصوات محاولين تمييز الأصوات الطبيعية من أصوات السفن والأنشطة البشرية الأخرى. وقال ديزياك: "سجلنا صوتاً عالياً لزلزال قوته 5.0 ريختر حدث على عمق 10 كيلومترات (أو أكثر من 6 أميال) في قشرة المحيط المجاورة. وأضاف: "بما أن الهيدروفون على عمق 11 كيلومتراً، كان في الواقع تحت الزلزال، الأمر الذي يعد تجربة غير عادية". وتابع: "صوت الأعصار كان مثيراً أيضاً، رغم أن النشاز الصادر من العواصف الكبيرة يميل إلى الانتشار ورفع الضوضاء العامة لعدة أيام". وقال ماتسوموتو إن الهيدروفون التقط أيضاً الكثير من الضوضاء من سطح المحيط -7 أميال لأعلى- من بينها الأمواج والرياح التي تثير سطح المياه. وأضاف: " الأصوات ليست ضعيفة كما تتخيل أنها ستكون رغم ذلك البعد عن المصدر". لكن الأصوات تكون فقط في قاع تشالنجر ديب إذا كان مصدر الصوت فوق خندق تشالنجر ديب مباشرة بسبب طريقة انتشار الأمواج الصوتية عبر المياه. وسُجل رقم قياسي جديد في ديسمبر/كانون الأول 2014 للسمكة التي وجدت على أكبر عمق في العالم، حيث وجدت على عمق لا يصدق وهو 26.722 قدماً (8.145 متراً). وُجدت سمكة السانا في قاع خندق مارينا، وكسرت الرقم القياسي السابق بنحو 1.640 قدماً (500 متر).