يؤسفني - بادى ذي بدء- ان اكتب متأخرا - بعض الوقت - حول رحيل أب وأخ وزميل عزيز، اختطفته يدُ المنون ، واختاره ربّ الكون ، الى جواره ، اواخر شهر رجب الماضي .. انه الرحيل المر في الزمن الامرّ ، ان نفتقد رجلا بقامة و(هامة) ابن عدن البار والاعلامي الذي لا يشقّ لهُ غبار السيد الكريم والصديق الحميم الاستاذ الفاضل والقديرهشام محمد علي باشراخيل ، صاحب دار ورئيس تحرير افضل واشجع واروع صحيفة يمنية (جنوبية) على الاطلاق.. "الايام" صاحبة المكانة الرفيعة والعالية في نفوسنا جميعا ولكن ما منعني من الكتابة عن هذه الملمة ( العميمة) والفاجعة الاليمة هو اني كنتُ –حينها- امر بظرف صحي عارض ، الزمني فراش المرض الذي اعاني من تبعاته حتى لحظة كتابة هذه السطور الباكية الحزينة!
رحل هشام باشرحيل في وقت نحن – الاقلام الحرة- باشدِّ وامسِّ الحاجة اليه ، والى امثاله ، من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. فكان رحمة اللهُ تتغشاهُ ، مثالا حيَّا ، لرجل الصحافة الحرة والمنزهة ومقارعاً وبلا هوادة لاساطين الفساد، ليس فقط ، في عدنالمدينة التي تحتضنُ هذا المنبر الاعلامي المتفرد شكلا ومضمونا.. بل امتد اثرُهُ الفعَّالُ ليشملَ (فاسدين) من عيار ثقيل ، في مراكز القرار ، الامر االذي جعل " الايام" تدفعُ ضريبة باهظة ، كلنا كنا شاهدين احياءَ عليها! غادر هشام دنيا الزوال ، ولا تزال قضايا حبكها (نافذون) تراوحُ مكانها ، في دهاليز القضاء!
ولعل من نافل القول ، ان اكدتُ –هنا- ان تلك القضايا المنظورة في المحاكم ، ما كان لها ان تدور دوائرَ مغلقة ، لو تشابكت وتكاتفت كل الايدي ، من اجل نصرة " الايام" ولكنهم خذلوها وتركوها وحيدة تقارعُ الظلمَ والطغيان!
والان .. وبعد ان رأينا ذلك الجمعَ المهيبَ الذي تقدمه (بعضُ) رجالات الدولة ، يوم تشييع الجثمان المسجّى بكل اشكال وصنوف والوان المرارة ، ابان كان الرجل وحيداً قي ساحة الميدان.. الان هل نقول ان " الايام" ستحظى باهتمام من خذلوها وساروا في موكب الجنازة ، وشيعوا هشام ، مبدين كلَّ درجات الحزن والخسران ، كاشفين عن قناع الذل والاستسلام ، في فترة كانت " الايام" بجاجة اكثر من ماسة لالتفافهم حولها ، ومداواة جراحها!
هل نقول؛ سيأتي التكريمُ ولو بعد فوات ( الاوان)؟.. وستعاد ل " الايام" مكانتها المسلوبة تحت سطوة ونفوذ اصحاب (الهيلمان)!
هل ستبتسمُ عدن ، وكل أرجاء الوطن ، بعودة حميدة وقريبة لهذه (الدار) الى مكانها الطبيعي في نفوسنا –نحنُ عشاق فنها الراقي -درجة الافتتان-؟
نتعشمُ خيرا ب(المتباكين) يوم رحيل هشام ، بانقشاع ساحبة الظلم ، وزوال اسباب ايقافها التعسفي وغير المبرر!