كنت قد كتبتُ في وقت سابق مقالا بعنوان "الوالد باسندوة.. استقيلوا يرحمكم الله" وهو المقال الذي لقي صدى واسعا واستحسانا حتى من بعض الوزراء، وماكنت احب ان اعود للكتابة عن الوالد محمد سالم باسندوة الذي أُجله كثيرا، لكنه شخصية عامة، ولابد ان يُفرق بين النقد البنّاء لممارساته المتعلقة بالمكانة والمنصب وادارة ال حكومة، وبين الاستهداف الشخصي.. ماسبق مقدمة لابد منها حتى لايفاجئني "أبو خالد" ويقول انني استلمت فلوس من زعطان او فلتان، او عفشان مثلا، او أنني خائن وعميل كما قال للشباب الذين هتفوا ضد المؤتمر الاول لحقوق الانسان الذي تم إقصاءهم عن المشاركة فيه رغم انهم من الثوار ولديهم مطالب حقوقية، ولهم اقارب من الشهداء والجرحى والمخفيين قسريا والى اليوم لايعرفون مصيرهم، فما كان منه إلا ان ضاق بهم ذرعا، وطاش فيهم ونعتهم بألفاظ لايمكن لشخصية في مكانه وسنه ان يتلفظ بها على شباب من جيل احفاده، بعيدا عن المناصب والرسميات.. أين الحصافة السياسية، أين الحنكة في استيعاب الآخر، أين الدبلوماسية وانت مارستها كثيرا منذ سبعينيات القرن الماضي، بل كنت قائدا لها في احلك الظروف التي مرت بها اليمن خلال "حرب صيف 94م" المشؤومة.. قد أتفق معك في أن اولئك الشباب أخطأوا، وتجاوزوا في البداية كنوع من الاحتجاج غير المهذب على ممارسات مورست ضدهم من قبل القائمين على المؤتمر كما بلغني، وهو احتجاج مشروع لانهم أحسوا بظلم وقع عليهم "لَايُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ"، لكنهم وبعد كلماتك الهجومية ضدهم ونعتهم بالعملاء لم تُبق لنا عتبٌ عليهم، لأنك استفزيتهم وجاريتهم فيما قاموا به وأنت اكبر من هذا بكثير، جعلتهم يخرجون عن هتافاتهم الحقوقية الى الهتافات السياسية والمطالبة بإسقاط النظام وربما لو استمر الجدل لتحول المشهد الى معركة دامية لاقدر الله. المرحلة التي تمر بها البلاد مرحلة حرجة جدا، ويجب ان يكون مسؤولونا على قدر من الأناة والحلم والنضج، واحتواء الآخر، نريد رئيس حكومة قيادي بالفطرة، ونريد وزراء من نوع خاص، متسامحين، متسامين عن الدنايا، لهم صدور واسعة، وقلوب مفتوحة، وعقول تستوعب الكل، فأنّا لنا بهؤلاء. * الوالد محمد سالم باسندوة.. لازلت عند قولي السابق لك: استقيلوا يرحكمكم الله، ورحم الله امرئ عرف قدر عمرِه.. هفوات كثيرة في مجال الإدارة، وفساد عريض لازال مستشري في مفاصل الدولة، واتهامات غير مبررة لأطراف سياسية وللنظام السابق دون ادلة او وثائق رغم ان وزارات الداخلية والامن القومي والسياسي كلها اصبحت تحت ايديكم ومع ذلك لم تستطيعوا ان توجدوا وثيقة واحدة تظهروها للعالم وللشعب ان فلان من الناس هو من يخرب البلاد، ويضرب الكهرباء ويفجر انابيب النفط.. لازلنا نعاني من هشاشة الجهاز الاداري والمالي ولم نلمس تحسنا في اي مجال من المجالات ولو طفيفا.. مشاكل لاتحصى في مختلف الوزارات التي سيطر عليها بعض الاحزاب وأصبحوا يتعاملون معها كفيد خاص لهم ولكوادرهم، وغنيمة لايجب ان يشاركهم بها احد، وكل هذا تحت سمعك وبصرك وأنت المسؤول عنه. عندما تعدد منجزات الحكومة، تجد انها كلها أخطاء، كيف يتم مقارنة الكهرباء مثلا هذه الايام بأيام الثورة الشبابية، او المشتقات النفطية او اي شيء آخر.. المقارنة لاتكون بين حالة طبيعية وحالة استثنائية، اذا كنت مقارناً فقارن اليوم بما قبل يناير 2011م حتى تكون مقارنتك صحيحة، وحينها يمكن ان يكون هناك إنجاز، لكني أشك في ذلك.. اخيرا.. لاني اعزك وأُقدّرك أشعر ان في فمي ماء، وهل ينطق من في فمه ماء..!!