يظل العقلاء وحدهم في كل زمان ومكان،هم الحصن الأخير الذي لايخُترق ولايتهاوى أمام العصف والقصف، أيَّا كان ومهما بلغ ويبقى العقلاء حاجة المجتمع الدائمة إلى إثبات الفعل في مركز الإيجاب والإخصاب.. وحتى لاتطغى إنفعالية حسابات أخرى على ماعداها من مصالح واستحقاقات الجماعة والمجتمع. يمتلك مجتمعنا رصيداً عظيماً في هذا الباب وله سجله المشرف في عقلنة السياسة والفعل السياسي بما يكفي للمراهنة على نجاح مشروعنا الوطني في تجاوز كل الصعاب والمعوقات التي قد تنتصب وستنتصب في طريقه على الدوام،طالما بقي مشروعاً متحركاً وحيوياً في تعدده وتنوعه وجدة شرائه الكمي والنوعي. ليست إستحقاقات ديمقراطية مهمة، كالتي نحن مقبلون عليها ونعيش عامها الانتخابي منذ مطلع السنة الميلادية الجارية، هي من ستجعل مشروعنا الوطني يتعثر بالأزمات والاحتقانات، أو يتأثر سلباً بتداعيات الاختلافات الطارئة والمتوقعة في الرأي والتقييم، ربما كان العكس من ذلك تماماً..فربما كانت الأجواء الملبدة بالآراء والاجتهادات المتباينة، هي الشرط اللازم والموضوعي لإنجاز ممارسة ديمقراطية حية قادرة على استيعاب الجميع آخر الأمر في مشروع جماعي واحد يجمع المتفرق، ويلم شتات الفرقاء لمصلحة وفاق واتفاق يحظى بقبول ومباركة المشهد السياسي والاجتماعي بمافيه ومن فيه. - نهاية الأسبوع الماضي..استضاف فخامة الرئيس علي عبدالله صالح قيادات المعارضة «أحزاب المشترك» وقيادة المؤتمر الشعبي العام في أولى جولات الحوار الأخير، والذي يجيء تواصلاً مع سلسلة الجولات الحوارية السابقة، ومع النهج العقلاني والحكيم الذي أرساه رئيس الجمهورية واعتمده على الدوام طريقة للحكم وأسلوباً لإدارة البلاد والشأن السياسي والحزبي وقد كان ولايزال هذا النهج والمنهج، هو السمة الأهم والطبيعة الموضوعية الأبرز في إدارة الحكم ورئاسة الرئيس علي عبدالله صالح وهو ذاته النهج الذي جعل من الرئيس قاسماً مشتركاً، يلتقي عنده ولديه الفرقاء جميعاً..ويتساوى لديه شركاء الحياة السياسية والمدنية في الحكم والمعارضة على السواء. وبحسب المعلومات ومصادر مطلقة سادت لقاء الأربعاء الماضي بين فخامة الرئيس وقادة أحزاب اللقاء المشترك، أجواء إيجابية بشأن الحوار حول استحقاقات الانتخابات المحلية والرئاسية القادمة، وبما يجعلها حرة ونزيهة وشفافة تجسيداً لمبدأ تداول السلطة سلمياً وبما يضمن ويستوعب مشاركة الجميع دون استثناء والخبر مهم لجهة تكريس الثقة والتفاؤل الدائمين وتعزيزهما..لمصلحة الإنتماء إلى قاعدة المشاركة الجماعية في صناعة الفعل السياسي والتحول الديمقراطي على هدى من قيم التكامل والشراكة والوعي الحزبي الناضج..الملتزم والمسئول. وتتواصل لقاءات رئيس الجمهورية وقيادات الأحزاب هذا الأسبوع..مايعني اكتساب المرحلة واستحقاقاتها، الضمانة الأهم والأعظم لتحصين التجربة بالإجماع، والرغبة الجادة والصادقة لإنجاح الإدارة الديمقراطية والعملية الإنتخابية القادمة..على أساس المشاركة الحزبية الواسعة وحق التنافس، والخروج من دائرة القلق والشك حيث لم يعد بالإمكان التذرع بالخلافات الحزبية المفتعلة أو المتفاعلة في ظل إمكانية مثلى للحوار والتفاهم وعرض الآراء كلها على محك المصلحة والتوافق العملي. - بالتأكيد..بدأ المشهد الحزبي والسياسي، طوال الأسابيع الماضية، وكأنه غير قادر على استيعاب ذاته أو لملمة قضاياه وخلافاته..وراحت الدعاية الإعلامية والحزبية تنفخ في كوة الاحتقانات، مضاعفة الهواجس والضوضاء ولعبت الدعاية هذه دوراً سلبياً أثر كثيراً في النفسيات وجعل الحقيقة تبدو غير مستقرة أو أنها أبعد عن متناول المرحلة والناس. لكن العقل والعقلاء يشكلان على الدوام المبادرة الأقدر على تناول مفاتيح النجاح وحلحلة المشاكل مهما بدت معقدة أو أراد لها البعض أن تتضاعف إشكالاً وتعقيداً. مامن شك..فإنه على الجميع التمتع بقدر وافر من الحكمة والمرونة وتغليب صوت العقل ومنطق المرحلة والمصلحة الجماعية، على ماعدا ذلك من الشعارات والأولويات الفردية أو الحزبية ،ونعلم أن فخامة رئيس الجمهورية بادر منذ وقت مبكر إلى استيعاب كل تحفظات وأولويات الأطراف المشاركة في المعارضة كما عمل ويعمل على معالجة القضايا والمواضيع بحسب الأولوية والأهمية والمصلحة وليس إلا آخرها تكليف رئيس الجمهورية لجنة رأسها الأخ/يحيى علي الراعي ،نائب رئيس مجلس النواب بالنزول الميداني إلى محافظة أبين لالتقاء القادة والضباط العسكريين المنقطعين عن أعمالهم وتحديد الحالات كلها ووضع الحلول المناسبة والنهائية لإعادة المنقطعين إلى أعمالهم وصرف كافة المستحقات والتعويضات المناسبة يجيء ذلك استطراداً للإجراءات ذاتها المتبعة والمنفذة منذ وقت مبكر عقب حرب صيف 94م وقرار العفو العام والشامل الذي أصدره فخامة رئيس الجمهورية وقد استوعبت المعالجات معظم الحالات..وبقي البعض منها معلقاً لأسباب أخرى لها علاقة بالأفراد وظروفهم ورغباتهم و التوجيه الرئاسي الأخير ليؤكد المصداقية في ضمان استكمال معالجة هذا النوع من الحالات اضافة إلى توجيهات أخرى تتعلق بكافة القضايا والمواضيع التي ربما اعتبرتها أطراف أو أحزاب سياسية ضمن أولوياتها ومطالبها. ولاشك بأن الاخوة في الحزب الاشتراكي اليمني وأمانته العامة التي يديرها بعقلانية واقتدار كبيرين الدكتور ياسين سعيد نعمان، سيجدون المبادرة الصادقة مناسبة للسير معاً في طريق انجاح حوار تتوفر له كامل اشتراطات النجاح طالما بقي محصوراً في مواضيعه وعناوينه المحددة وطالما بقي الجميع ملتزمون بالرغبة الجادة في إنجاح التجربة والاستحقاق الوطني والديمقراطي وسيكون على الجميع احترام الحق العام والمصلحة الجماعية في رؤية ومعايشة عمل سياسي وحزبي عاقل وراشد ،ذلك أن التجارب كلها تعلمنا أن المراهنة على تشعيب القضايا الخلافية والتوسع المتكلف في مواضيع الحوارات واستجرار عناوين لاعلاقة لها بالموضوع الهام والرئيسي هي مراهنة على خسارة أكيدة لهذا الطرف أو ذاك الحزب..ولن يخسر الوطن مطلقاً، إنما ستتضاعف الفائدة لو لم يخسر حزب أو تنظيم سياسي واحد.