الجاهل ليس عدو نفسه، بل عدو وطنه، فالجاهل عبء على المجتمع، لذا فإن المواطنة المتساوية لا تتحقق إلا بالتعليم، وقد أصبح من المؤكد ان ثروة أي مجتمع لا تقتصر على موارده الطبيعية فحسب وانما تشتمل على موارده البشرية أيضاً ولهذا فان عدم الاهتمام بالتعليم يعد من أكثر مظاهر التخلف الذي تعيشه الدول النامية. ولعلنا ندرك جميعاً ان اليمن الجديد لا يمكن ان يتحقق بدون إتاحة الحد الأدنى من التعليم العام والتوسع فيه افقياً ورأسياً ولا يمكن مواجهة معركة البقاء بدون تعليم عصري نواجه به نسبة الأمية التي تصل إلى 75% ذلك ان تحقيق الديمقراطية وحقوق الانسان لا يمكن تحقيقهما في مجتمع يعاني الأمية التي تحرم الأفراد من معرفة حقوقهم وواجباتهم البيولوجية فضلاً عن حقوقهم وواجباتهم الاجتماعية والسياسية. ومن هنا لابد ان تتخذ المؤسسات القائمة على العملية التعليمية والتربوية مجموعة من الإجراءات تجعل بموجبها التعليم الأساسي اجبارياً مثله مثل التطعيم ضد الجدري وشلل الأطفال. ان الأمية والجهل بقيمة العلم جريعة اجتماعية.. فإلى أي مدى يمكننا ان نتجاوب مع رئيس الجمهورية في بناء اليمن الجديد إذا نحن لم نجرم ولم نعاقب بقوة القانون من يمنع التعليم أو يتهرب منه ويساعد في زيادة رصيد البلاد من الأميين والجهال .. بل إلى أي مدى يحق لنا ان نأمل في إقامة اليمن الجديد، إذا نحن لم نحاكم أي وزير أو مسئول خطط لتضيع المال العام وحال دون وصوله إلى البنية التعليمية. هناك ملايين الدولارات في مشروع التطوير التربوي يمكن ان تصرف في تغذية الطلاب الفقراء وإمدادهم بالكساء الضروري وأدوات النظافة ووسائل المواصلات اينما كانوا في الريف أو الحضر. ان اليمن الجديد لا يبنيه منهج يعلم آيات من كتاب الله الحكيم ولا تعليم الخط، فالقراءة والكتابة ينبغي ان تصبح جزءاً من حياة الطالب اليومية كالأكل والشرب، فمحو الأمية لا تعني مجرد تعليم الطالب فك شفرة الخط وانما الانتقال به من مجرد الحياة البيولوجية التي يشترك فيها مع الدواب إلى الحد الأدنى من الوجود العقلي التي تجعله يعرف الحقائق الموضوعية عن نفسه وبيئته ومجتمعه ، نحن بحاجة إلى تعليم يعمل على تحويل الحيوان الآدمي إلى مواطن وانسان عالمي نوصفه ثروة قومية لا تقل أهمية عن الثروة المادية. ان المنهج القائم يعمل على إعادة انتاج الجهل بشكل يومي وهو مثقل بهشيم المعرفة وفتورها التي لا تتناسب مع اليمن الجديدالذي نتطلع إليه فهل نأمل في بناء يمن جديد وابناؤنا يقتاتون على هذا الغذاء العقلي من سذاجات المعرفة. كيف يمكن لنا ان نبني اليمن الجديد ومناهجنا تفتقر إلى حصة الرياضة والحصة الفنية، اننا نحرم أبناءنا من القيم الجمالية والفكرية والاجتماعية، والاخلاقية، التربية الفنية هي التي تلهم الانسان معاني الحب والجمال والحرية والمساواة والاخاء البشري وتعطي للحياة غاية. لا يمكن بناء اليمن الجديد مالم نشرع قوانين تعاقب بالحبس كل أب لا يرسل أبناءه إلى المدرسة في سن التعليم الأساسي ولابد من سن قوانين تمنع تشغيل الأطفال في سن التعليم ومن يستعمل الأطفال في هذه السن يعاقب بالسجن والغرامة.