عساكم من عواده يا من سكنتم الجبال والسهول والوديان والسواحل منذ أن كانت قفاراً حتى اخضوضرت، واستحالت مروجاً لخير السعيدة، تفيض محبة، وأمناً وسلاماً. عساكم من عواده.. يا من حملتم التاريخ التليد إلى الحاضر المجيد، فعلّمتم البشرية كيف يكون لون الأصالة، وكيف تنبعث العصور بإرادة الأقوياء.. وكيف يجوع المرء لينتصر ويصبر على الظلم ليصنع دولة، ويقاوم، ويكافح لينتزع الكرامة رغم كل الأنوف المتعالية على قدرها الإنساني.. بالأمس أقلامنا انتقدت وعاتبت، وصايحت، وزمجرت غضباً على هذا الوضع أو ذاك، وهذه الجهة أو تلك.. لكنها اليوم تفرح وتهنىء وتنثر زهور المحبة.. فمازال في حياتنا اليمانية متسع أكبر بكثير من النقد للمحبة والفرح، ودغدغة القلوب بالسعادة.. فكل شيء في بلدنا يكبر ويتنامى ويعظم ولا شيء يصغر إلا الهموم والآلام التي حملناها عبر عقود بالية من الظلم والفقر المدقع والجهل المقيت الذي كان يتاجر بنا في أسواق السياسة. عساكم من عواده.. يا من تحلمون بغد مشرق، ورغم كل ما تعانون مازلتم واثقين ان صباح الغد أكثر إشراقاً مما قبله.. وان اليوم التالي أكثر رخاءً وأمناً من الذي قبله كما لو أنكم أقسمتم بأغلظ الأيمان على أن تبقى اليمن بلاد السعيدة.. وتبقى ملاذ الخائفين وقبلة المنكوبين في بلدانهم.. ومأمن المطاردين بالحروب والفتن ونوائب الدهر التي لم ترحم هذه الأمة.. في هذا الزمن العصبي المتاجر بالأزمات والدماء، والخراب ظلت اليمن وحدها من يتاجر بالحرية والبناء والتوحد، والديمقراطية والحقوق وتبني مستقبلها بمهارة فائقة واحتراف فريد يفوق حسابات أقلامنا التي أدمنت على حساب جمع واحد مع واحد يساوي اثنين.. ولم تتخيل يوماً ان النتيجة يمكن أن تكون أكبر، أو رقماً خيالياً يفوق محدودية تفكيرنا الذي لم يألف الابتكار. بين عيد الفطر وعيد الأضحى انفردت اليمن بعيد ثالث للديمقراطية، توجت فيه رهانها مع العالم الذي كان ذات يوم يؤكد لنا أن الديمقراطية والفقر لا يجتمعان.. لكن اليمنيين وحدهم من قالوا ان الجمع بينهما ممكن إن توفرت الإرادة والقناعة.. فترجمت النظرية إلى واقع وأنجزت تجربة انتخابية أذهلت العالم، وجعلته يتحدث عنها في كل محفل ومناسبة. كما أن العالم كان يؤكد أن الفقر يصنع الإرهاب، وان الأمن والسلام لا يتحقق في بلدان فقيرة.. إلا أن اليمن راهنت على شيء واحد فقط هو «أن لكل قاعدة شواذا» وأنها العنصر الذي يشذ عن هذه القاعدة بالذات.. فكانت أكثر أمناً وسلاماً بعد أن أماط الإرهاب اللثام عن وجهه وكشر ناجذيه.. وبدلاً من أن تبقى ضحية مستسلمة لبراثن الجماعات الإرهابية تحولت إلى شريك دولي في الحرب على الإرهاب.. وهاهو البلد الفقير الواقع في أقصى الجزيرة العربية الثرية هو الأكثر أمناً وسلاماً بالمنطقة، وهو أول من يغلق ملفات الإرهاب. عساكم من عواده.. يا من تتمنون السلام للآخرين، وتسعون في طريقه؛ لأنكم تذوقتم طعمه وطابت لكم ملذاته.. وأدركتم قبل غيركم أن للحياة شكلاً آخر عندما يسودها الأمن وتعمها المحبة والألفة، وتتوحد جميع عناصرها في ميثاق واحد من صكوك صنع الكرامة الإنسانية التي افتقدتها كثير من الشعوب التي تفتقر للحكمة اليمانية وأقول عساكم من عواده ألف مرة لأنكم أحسنتم خياركم يوم العشرين من سبتمبر، والتفت أصواتكم لرجل ما خذلكم يوماً.. وما تقاعس عن خدمتكم والتضحية لأجل وطنكم فصنع لكم حياة كريمة ومازال يراهن على حياة أفضل.. وأفضل من أي مرحلة سبقت يوم إعادة انتخاب الرئيس الصالح.. فاهنأوا بالعيد.. عسى الله أن يجعل أيامنا كلها أعياداً.