إن قوى الحقد والخيانة والفتنة التي تجردت من قيم ومعاني وأخلاقيات الدين والوطنية ، نراها ونسمعها تخرج بين الحين والآخر ، من جحورها وأوكارها المظلمة ، لتلعب بالنار..!! وتسيء إلى الوطن.. ومنجزاته.. ووحدته الوطنية.. والسلم الاجتماعي ؛ في اعتقادي هي نفس القوى التي مثّلها ذلك الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولنفس الأسباب التي تثير غيضهم.. وتقض مضاجعهم !! فعن عتبة بن عبدالله أنه قال : إن رجلاً قال : يارسول الله العن أهل اليمن ، فإنهم شديد بأسهم ، كثير عددهم ، حصينة حصونهم ، فقال : لا.. لعن الله فارس والروم» ثم قال « إذا مروا بكم يعني أهل اليمن يسوقون نساءهم، ويحملون أبناءهم فهم مني وأنا منهم». إذن هي نفس الأمنية .. ونفس «ثلاثية شدة البأس ، وكثرة العدد ، والحصون الحصينة» ، التي تدفع هذه القوى الحاقدة المريضة للإساءة إلى الوطن ، وإلحاق الأذى به.. وزعزعة أمنه واستقراره .. لكن هذه الثلاثية هي التي كانت ومازالت الصخرة التي تتحطم عليها كل الأطماع ، والأحقاد ، والمؤامرات . إنها ثلاثية تدعونا إلى التوقف.. والتأمل. شديد بإسهم : لأن قوتهم وصلابتهم استمدوها من قوة وصلابة جبالهم الشماء «عيبان» و«ردفان» و«صبر» وضبضب» و«نقم» وشمسان» و«فرتك» وغيرها من الجبال اليمنية.. شديد بأسهم ، لأنهم هم صنّاع «السيف والحسام اليماني» والخناجر «الحضرمية» والنصال «الصاعدية».. وهم الذين تمرسوا على فنون القتال.. وكان لهم الشرف أن يكونوا في طليعة قادة جيوش الفتح الإسلامي ، وهم الذين صقلت معدنهم وأجسادهم الأحداث والحروب التي مرت عليهم. كثير عددهم لأّن هذه الأرض الطيبة مهد العروبة ، ومخزونها البشري ، ومنطلق هجراتها .. وهي المدد الدائم.. كثير عددهم بفضل إعادة منجز وحدتهم المباركة.. وعودة الاعتبار للإنسان اليمني بعد شتات طويل.. حصينة حصونهم : دون شك هذا ماتجسده وتتحدث به كل الحصون والقلاع على رؤوس وقمم الجبال اليمنية.. فقد كانت دائماً وستظل هي الحصن الحصين والمنيع في كل ماتعرضت له بلادنا على مدار التاريخ من غزوات وأطماع واستعمار ، وهي بصمودها وصمود الإنسان اليمني جعلت من اليمن مقبرة للغزاة. والخلاصة: على هؤلاء الغارقين في وحل العمالة.. وهاوية الخيانة.. أن يتعلموا من حقائق التاريخ البعيد والقريب.. وأن يدركوا جيداً أن اليمن عصية وحصينة وشديدة البأس على من يناصبونها العداء ، ويفرشون في دروبها أصابع الديناميت .. وأن يدركوا أيضاً أن الإنسان اليمني اليوم وأكثر من أي وقت مضى لم تعد تنطلي عليه الخطابات والشعارات الجوفاء.. وحتى دموع التماسيح التي يذرفها هؤلاء .. الوطن اليوم وبكل ماتحقق فيه.. وما يتطلع إليه أصبح يسكن شغاف القلب.. وحدقات العيون.. وعلى الذين يلعبون بالنار أن يدركوا أن «النار تحرق رجل واطيها».