مثّل دخول العالم عصر المعلومة تحدياً كبيراً للعالم النامي، فقد فرض ذلك على حكومات بلدانها ضرورة مواكبة أدوات العصر، وإلا فإن أخطاراً لا حصر لها قد تتعرض لها بلدانها خاصة بعد ان كشفت احداث سبتمبر ان قوى الإرهاب اعتمدت على الانترنت في تنسيق أنشطتها. ربما بساطة الحياة اليمنية، وعدم مبالغة اليمنيين بالمظهر الخارجي يوحي أحياناً للغرباء بتخلف مؤسسات وأجهزة الدولة، وهو الأمر الذي شجع على ممارسة أعمال غير قانونية.. والحال نفسه تكرر عند بعض اليمنيين الذين يعتنقون أفكاراً متشددة، حيث ان انغلاقهم على توجه ثقافي معين استبعد من أذهانهم أي توقعات بأن الدولة التفتت إلى ضرورة التحديث التقني لأجهزتها، ومواكبة عصر المعلومة، لذلك توجهت هذه الفئة إلى تقنية المعلومات في الإعلان عن مسئوليتها بارتكاب بعض العمليات الإرهابية التي شهدتها اليمن مؤخراً. أمس فوجئ الجميع بإعلان وزارة الداخلية عن ضبط ستة أشخاص، متهمين بإرسال التهديدات الأمنية عبر شبكة الانترنت إلى عدد من السفارات العربية والأجنبية، ومثّل ذلك الإعلان عملاً نوعياً يحدث للمرة الأولى ان تلقي أجهزة الأمن القبض على عناصر متورطة بالإرهاب الإلكتروني. لعل أهمية الحدث لا تكمن في المتهمين أنفسهم، وما يتسببون به من إقلاق أمني، وزعزعة استقرار اليمن.. بل تتعداه أيضاً إلى الكشف عن القدرات التي باتت تتمتع بها الأجهزة الأمنية اليمنية، وبما يؤكد ان الداخلية نجحت بامتياز في مواكبة عصر المعلومة، وتحديث أدواتها الوقائية الأمنية التي تحمي بها الوطن.. فضلاً عن انها مؤشر قوي على حجم القدرات العقلية التي يتمتع بها الإنسان اليمني ممثلاً برجل الأمن وسرعة اكتسابه المعارف الجديدة. ومما يمكن ملاحظته هو ان الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة تضاعف رصيد انجازها بشكل مذهل للغاية، إذ إن المتتبع لموقع المركز الإعلامي الأمني الذي تديره دائرة العلاقات العامة بوزارة الداخلية، حتماً سيكتشف هذه الحقيقة، ويقف مندهشاً أمام الجرائم التي يحبطها رجال الأمن سواء على صعيد مكافحة المخدرات، أو تجارة السلاح، أو ضبط المطلوبين أمنياً والذين كان بعضهم فاراً من العدالة منذ عدة سنوات. ولاشك ان وقوع الجناة بأيدي رجال الأمن يدل على تفوق العقلية الأمنية على العقلية الإجرامية، وكذلك على حجم تطور السياسة التخطيطية، والبرامج التدريبية والتأهيلية المعتمدة حالياً في وزارة الداخلية.. وبالتالي فإن النجاح المتميز لا يحسب فقط للقيادات الوزارية التي تعاقبت على قيادة وزارة الداخلية، بل أيضاً للقيادة السياسية للدولة التي أثبتت ان خياراتها هي الأصوب، والأجدر بالحفاظ على أمن وسلامة أبناء اليمن ومصالحهم ووطنهم.