بداية نذكر الإخوة زوّار بيت الله الحرام أنهم لا يذهبون إلى الحج لملء بطونهم بأصناف الطعام الذي سيجدونه متاحاً لهم بسهولة في معظم الأحيان ، حيث يتبارى هناك أهل اليسر من الأغنياء في تقديم أصناف كثيرة من أنواع الطعام وألوانه .. ولأن كل حاج من زوار بيت الله الحرام يحرص أشد الحرص أن يؤدي جميع المناسك المباركة على الوجه الأكمل ليظفر بالخير الكبير والأجر العظيم فيعود بحج مبرور وذنب مغفور إذا ما نجح هناك في أن يجعل من الأماكن المقدسة مقبرة لذنوبه وآثامه فيعود كيوم ولدته أمه .. وقد يكون الطعام معيناً للحاج على أداء مناسك الحج بسهولة ويسر ، وقد يكون الطعام سبباً في تعطيل تأدية المناسك على الصورة المطلوبة ، فإذا بالحاج وقد تحول من التفكير في تأدية المناسك وإتمامها كما أرادها الله سبحانه وتعالى وكما أوصانا وأرشدنا إلى تأديتها رسوله الكريم إلى التفكير بأمور معدته ، فإذا بالحاج وقد تحول إلى حالة الاعتلال والتوعك الصحي، فالبطن صارت منفوخة والغازات تصول وتجول، وحرقة المعدة تشتعل في جوفه فيتعكر المزاج وتنقلب البشاشة والابتسامة التي كان الحاج يواجه بها إخوانه الحجاج أو أصدقاءه وأصحابه إلى تجهم وضيق صدر وكآبة ، فلم يعد يطيق أحداً ولا الناس صاروا يطيقونه إلاّ إذا علموا شر ما نزل به.. وتشكل اللحوم مصدر خطورة على صحة الحاج لعدة أسباب ، منها: تعرضها للفساد لأسباب مختلفة ، سوء الإعداد أو سوء الطهي أو عدم تحري النظافة في غسل الأيدي وغسل أواني الطهي والأواني المحمول بها .. فأقل كمية من اللحوم ربما تكون مأمونة ويفضل أن تكون مشوية أو مسلوقة ومنزوعة الدهن ، وينبغي تجنب الأجزاء المحترقة سوداء اللون ، وتجنب اللحوم المعلبة أو المجمدة لما ينتج عنها من أضرار صحية ، نتيجة حفظها بطريقة خاطئة فتفسد سريعاً .. كما أنه لابد من نظافة المكان والأرضيات والجدران والموائد والأواني والقائمين على إعداد الطعام، كما أن الدجاج أيضاً من الأغذية التي تفسد بسهولة ويجب أن يراعي الحاج أن لا تحتوي الدجاج على بقايا دم أو أجزاء محترقة والتخلص من الأجزاء الملتصقة بالعظام ونزع الجلد ، وفي حالة اكتشاف تغير في الطعم أو شم رائحة أو رؤية لون غريب ، فلا ينبغي تناولها ، لأن ذلك قد يكون إيذاناً بحدوث تسمم غذائي يهدد حياة الحاج وليس فقط مجرد وعكة وتزول. إن خير ما يتناوله الحاج خلال فترة وجوده في الديار المقدسة هو اللبن بشرط عدم تركه مكشوفاً وحفظه في الثلاجة ويفضل شرب العبوة بعد فتحها مباشرة وعدم شراء عبوة كبيرة تجعل الحاج يشرب بعضها ويترك الباقي لوقت لاحق ويعتبر الزبادي أفضل وأنسب وكل الألبان المخمرة أو الرايب منها بدلاً عن الحليب . فهي تقوي جهاز المناعة وتساعد الجسم على مقاومة الأمراض والعدوى. كما أنه ينتج عنها كمية قليلة من الفضلات فتقل عدد مرات التبرز ، ولا تسبب غازات أو عسر هضم ، وتساعد على علاج القولون ، وهي كما نعلم سهلة الهضم ، تساعد على العبادة وزيادة التركيز، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند جميع الأطعمة : اللهم ارزقنا خيراً منها إلاّ الألبان فكان يقول : اللهم ارزقنا منها، يأتي التمر في المرتبة الثانية : «بيت ليس فيه تمر جياع أهله» صدق رسول الله. أيضاً الخضروات والفواكه بشرط تناولها طازجة ونظيفة وتجنب الخضروات الورقية غير النظيفة وغير الطازجة التي قد ينتج عن تناولها الإصابة بالاسهال وبدلا عنها يمكن تناول الجزر والطماطم والخيار والخس والكرنب ويمكن أن تكون الفاكهة بديلاً عن اللحوم والطيور والحلوى ، فهي مفيدة جداً للصحة بسبب غناها بالألياف التي لا تقدر قيمتها بثمن خصوصاً للجهاز الهضمي.. هذا موضوع لا غنى عن معرفته للحاج وغير الحاج وذلك إذا أردنا أن نقي أنفسنا شرور الأمراض والعلل المسؤولة عن فشلنا في تأدية ما نريد إنجازه سواء في تأدية النسك أو تأدية كل ما يوكل إلينا من مهام وواجبات.