عندما قامت أسرة الفنان الكبير الأستاذ هاشم على عبد الله رائد الفن التشكيلي الحديث في اليمن بتقديم أسمى آيات الشكر والتقدير لكل من ساهم بالوقوف إلى جانب المغفور له بإذن الله تعالى وخصصت بالذكر بعض الأسماء الفاضلة التي سارعت بتقديم يد العون والمساعدة لهذا الفنان لم يرد ذكر اسم شخص كان من الواجب أن يكون له حق الصدارة في الشكر والتقدير والامتنان وما حدث لم يكن من باب النسيان أو التجاهل لهذا الإنسان وإنما كان من باب الإقرار والاعتراف منا بالمكانة العظيمة التي يحظى بها هذا الإنسان بالنسبة للفنان الكبير هاشم علي، الأمر الذي ألزمنا بأن يكون حقه علينا أن ينال منا كل الشكر والتقدير منفرداً لوحده كاستثناء خاص يتمتع بقدر كبير من الخصوصية المتميزة.. وهذا ما دفعنا إلى عدم ذكر اسمه مدرجاً ضمن قائمة من الأسماء؛ إنه وبكل بساطه الإنسان الفاضل أمين قاسم أحمد وبمجرد قراءة هذا الاسم قد يذهب البعض ممن لا يعرفون الرجل للبحث عن هوية صاحبه لمحاولة التعرف عليه لتحديد نمط العلاقة التي كانت تربط بينه وبين الفنان الكبير هاشم علي وإمكانية التوصل إلى رسم ملامحها خصوصاً وأن هذا الاسم لا يعد صاحبه علماً بارزاً من أعلام الحقل الإنساني العظيم الذي صار في وقتنا الراهن مهدداً بالانقراض من قبل صائدي الإنسانية المتمرسين باحترافية فائقة في هذا العمل. لذا كانت إنسانية أمين قاسم هي العنوان الأبرز الأكثر وضوحاً وتلقائية حين عبّرت عن نفسها وهي تشكل الرباط المقدس الذي يربط بينه وبين الفنان الكبير هاشم علي كتأسيس لمعنى الصداقة الجليل الذي ظل متيناً لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن وسيظل أكثر متانة-رغم رحيل الآخر- لكل ما تبقى من الزمن لأن الوفاء والإخلاص وكل معاني الإنسانية السامية النقية الخالية من الاصطناع والرياء والوصولية كانت الجسور التي امتدت لتربط بين الاثنين مجسدة العلاقة الإنسانية الرائعة القائمة بينهم ومعبرة في الوقت ذاته عن نمط خاص جداً من التشكل تم وفق تسلسل طبيعي فطري عبر عن نوع من الاندماج وصل إلى حالة من التوحد وثبت عنه البرهان الذي أفضى إلى وجود معادلة موزونة مكونة من طرف واحد فقط. لذا يمكننا القول لأي إنسان أراد أن يجد هاشم علي حتى بعد رحيله عن هذا العالم أو أراد أن يعرفه أو يعرف إنسانيته: ما عليه سوى البحث عن أمين قاسم والجلوس معه وبذا يكون قد وجد هاشم علي فعلاً وتعرّف عليه تمام المعرفة والأمر ذاته لمن أراد أن يجد أمين قاسم ويعرفه فما عليه كذلك سوى البحث والاطلاع في الصحف والمجلات التي أجرت مقابلات مع الفنان هاشم علي أو قرأت المقالات الخاصة به حيث نجد أنه لا يترك مثل هذه المناسبات تمر عليه دون أن يتطرق إلى الحديث عن العلاقة التي تربطه بأمين قاسم وبيان المدى الذي وصلت إليه وكذلك حديثه عن صفات وسمات الفضيلة التي يتحلى بها صديقه الصدوق وكاتم أسراره كما ذكر ذلك هاشم علي في آخر مقابله أجرتها معه صحيفة حديث المدينة في شهر أغسطس 2008 . ليس كل هذا فحسب بل أن المرحوم الفنان الكبير هاشم علي حتى وهو في فراش الموت ما انفك يردد وصيته التي بات يكررها على إبن أخيه الدكتور يحيى عبد الله الدويلة وصديقه الصدوق أمين قاسم بأن يهتما بعائلته بعد مماته وخصوصاً البنات منهم وكان ذلك أمام أولاده وبشكل يومي. كل تلك الدلالات قدمت لنا صورة جلية عكست عمق التلاحم الدائم بين هذين الصديقين اللذين لم يتأخر أحدهما في يوم من الأيام ولو للحظة عن الوقوف بجانب الآخر ومساندته في كل ما يعترض طريقه من أحداث مختلفة فكما كان هاشم علي بالنسبة لأمين قاسم كان هو كذلك بالنسبة لصديقه وجود جسد حضوره متوحداً بقوة كبيرة في كل المتناقضات التي يتعرض لها الإنسان في حياته من حزن وفرح من صحة ومرض .....إلخ. إن أمين قاسم هو الوضوح الذي لا يعتريه غموض أو تعقيد والحب الذي يطلق العنان لنفسه ولا يعرف معنى للحدود، إنه السهل الممتنع، إنه بكل بساطة فطرة الإنسان.. لذا نقول لأمين قاسم الذي عبر عنه حبه العظيم لصديقه بأمانة مطلقة: لك منا كل الحب والوفاء وجزيل الشكر والاحترام والتقدير. هناك بعض الأسماء الأخرى التي كان لها حضور حقيقي دائم في حياة الفنان الكبير هاشم علي وبالأخص في محافظة تعز كانت تجسد بالنسبة له قيمة عظيمة لعلاقات إنسانية صادقة أتقدم لهم أيضاً بكل الشكر والتقدير ومنهم الأستاذ الفاضل أحمد محمد عثمان والشيخ الفاضل أبوبكر المحضار والأخ الكريم سالم الباني والدكتور العزيز يحيى عبد الله الدويلة والشاعر الكبير محمد عبد الباري الفتيح، كما أتقدم بالاعتذار إلى كل من لم تسعفني الذاكرة بذكرهم في هذه العجالة.