أن تنعقد قمة عربية في رحاب ليبيا العروبة والتحرر.. ليبيا الشموخ وقلعة الصمود العربي، وبزعامة قائد تاريخي عروبي فذ ارتبط فكراً وروحاً ووجداناً بشعوب أمته، وعاش ولايزال منافحاً عن قضاياها المصيرية، فأصبح ضمير الأمة وسيف وحدتها، وروحها وعقلها السياسي الفكري..! أن تنعقد هذه القمة العربية في حضرة القائد العقيد معمر القذافي، للملمة شتات الزعماء والملوك والرؤساء العرب في ظل وطأة جحيم هذا الزمن الصعب فإنه بوسعنا أن نصنفها حدثاً تاريخياً مهماً يحمل ضوءاً ساطعاً ينير دياجير القنوط، ويفتح أبواب الأمل الذي يقود للخروج من شرنقة التشتت والضياع ومتاهة الجمود.! ما أكبر اعتزازنا بانتمائنا العربي، ولكن اعتزازنا وفخرنا الأكبر عندما نرى القائد العروبي الكبير العقيد معمر القذافي هو ربان سفينة هذه القمة.. وإن كنا ندرك أنها قمة لقادة يمثلون أمة مهيضة الجناح وكل ما حولها ينذر بمخاطر ومصائب كبيرة في مرحلة هي من أخطر المراحل التي واجهتها في تاريخها المعاصر.. وأن لا أحد يجهل حجم الخطر الداهم بكل أبعاده الاستراتيجية التي تضع الآن المصير العربي -جغرافياً وعقيدة وحضارة وتاريخاً- أمام أسئلة صعبة وعلامات استفهام أكثر صعوبة، فإننا نثق ونؤمن بقوة في حكمة وحنكة قائدنا العربي الزعيم معمر القذافي وإخوانه الزعماء العرب، وفطنته ودهائه في وضع أصبعه على مواطن الداء والذهاب رأساً إلى مكامن الضعف في الجسد العربي، ووضع المعالجات الناجعة لتوحيد الصف وتفعيل العمل العربي المشترك من أجل تحقيق تقدم وعزة واستقرار أمتنا العربية.! والذي يعرف القائد القذافي، يشعر باليقين بأنه هو من يمسك قلبه الذي يختزن جبالاً من الألم والمرارة خوفاً وحرصاً على أمته، وليست بخافية صيحات التضامن والوحدة، ونداءات إغاثة الأمة العربية من محنتها التي طالما ظل ولايزال يطلقها مدوية: « الأمة العربية لا تقوم لها قائمة إلاَّ بوحدتها». هذه الوحدة التي ظلت منبع الحياة الذي يتغذى منه الزعيم القذافي. ونظراً لما تحتويه فلسفة المفكر المناضل الثائر القائد القذافي من مفاهيم ومضامين جديدة وعميقة في مراميها ومعانيها، وجدت فيها الجماهير العربية ضالتها المنشودة، فالأمة في النظرية الجماهيرية «هي مظلة سياسية قومية تقوم على تراكمات تاريخية بشرية، تعيش على رقعة جغرافية واحدة وتصنع تاريخاً واحداً ولها تراث واحد ومصير مشترك». وهو عندما يؤكد أن الحركات القومية تعمل في سبيل القضايا القومية، كحاجات ومطالب وحقوق وغايات تخص أمة تربطها رابطة القومية التي هي الانتماء والمصير وهي أساس وحدة الأمم وسر بقائها. فإن البعض يقول: بأن هذه الطروحات ليست قابلة للتطبيق ولا مقبولة.. في حين نجد نحن والذين يعرفون الرجل عن قرب بأنه حريص على وحدة العرب والقومية العربية كحرصه على سلامة بيته الصغير! وأنا وبتواضع شديد أؤمن بهذا، لأنني لم أجد الزعيم الليبي في كل المناسبات والمراحل إلا ذلك الرجل الواضح في أفكاره، الثابت على مواقفه وقناعاته.. وجدته كذلك كغيري من أبناء الأمة، ولأكثر من ثلاثة إلى أربعة عقود وفي المحافل العربية والإسلامية والدولية المتتالية.. وقبل أيام في ذكرى المولد النبوي الشريف كان حديثه واضحاً وصريحاً وهو يهاجم المذهبية والطائفية ويؤكد ضرورة نبذ كل أشكال التحجر الفكري والانغلاق والتخلي عن النزعات المذهبية الدينية المصطنعة التي يحاول البعض تغذيتها لإثارة الفتنة والإضرار بوحدة الأمة والإساءة لنقاء ديننا الإسلامي التوحيدي الحنيف. ونجد اليوم القائد القذافي أكثر تمسكاً بأفكاره وقناعاته، وقد أصبح صاحب مشروع قومي وإسلامي يتكئ إلى الحاضنة القومية.. مدركاً أن أوجاع الشعوب العربية تبحث عن خطاب هادئ ورصين وصادق.. ويقيني راسخ أنها تبحث دوماً عن خطاب هذا الزعيم الذي يستوعب القضايا المصيرية الكبرى، ويترفع عن الصغائر والمصالح الضيقة، لذلك فهو يحرص دائماً على تطمين بعض القادة العرب من أن الوحدة لن تهدد مراكزهم ومصالحهم، بل ستدعمها.! إذن الجماهير العربية آمالها كبيرة بالراعي الأول والقائد الأول لقمة طرابلس، بأن يجعل منها قمة المصارحة والحلول الناجعة والفاعلة المرتكزة على الجهود الموحدة لجميع الدول العربية ضمن آليات مشتركة تكفل المصالح العليا لشعوبنا وطموحاتها، وتحصنها من مخاطر المخططات الأمريكية الصهيونية الرامية إلى السيطرة على ثرواتنا والهيمنة على منطقتنا بذرائع وحجج للأسف يتقبلها بعض القادة والزعماء العرب ربما بسذاجة وغباء أو بلا مبالاة ورضى.! ومهما يكن من التضحيات الكبيرة والنضال الشاق والطويل الذي قدمه القائد القذافي لانتشال بعض الأنظمة العربية من خيبات الأمل وضعف القرار إلى مستوى المواجهة -بينما بعضها كتماثيل شمع لا روح ولا رجاء فيها- فإننا نؤمن بأن مثل هذا الزعيم العربي لا ييأس أبداً ولا يستطيع العيش بدون «الرئة العربية»، ولا يمكنه ترك الشعوب التي راهنت وتراهن عليه تائهة مشتتة بلا ربان أو مرجعية. سيكون الزعيم القذافي حاضراً محلقاً كالشهب في سماء القمة، وسيكون صوته سراجاً منيراً لدروب عانت طويلاً من القتامة. ومعه نقول بكل اطمئنان: إن غداً لناظره قريب، بفضل حنكته وعبقريته كزعيم عربي كبير لا يقبل بغير النجاح وتحقيق الانجازات والمكاسب لشعبه العربي الذي يؤمن أن من حقه عليه السير به إلى مرافئ الأمان والاستقرار والتطور.. لأنه القائد العروبي الأول صانع أمجاد العروبة وحامل لواء انتصاراتها.!