هناك قلوب سوداء كالليل الدامس والظلام المخيف, كسواد الجبال الصماء الحارقة الملتهبة توهج البركان المليء بالحمم والحجارة والشرر الملتهب ،الذي يقذف من فوهته قلوباً قاسية لاتعرف التسامح والحب والحنان والعطاء, قلوباً قاسية متحجرة متخشبة جامدة ميتة لايؤثر فيها شيء ولايهزها ولايحركها فرح أو حزن, قلوباً لاتعرف شيئاً عن المعاني والصفات الإنسانية الحميدة التي يجب أن يتصف بها كل إنسان وجد على هذا الكوكب, قلوباً خالية من أبسط وأسمى المعاني التي أودعها الله سبحانه وتعالى في خلقه, قلوباً لاتعرف الرحمة ولاالمودة والتسامح, و لاتعرف التسامح مع نفسها مع أن الرحمة صفة غرسها الله سبحانه وتعالى في قلوب البشر. إن مثل هؤلاء الناس الذين يتصفون بهذه الصفات لايعرفون الحياة وماأهميتها وماسبب وجودهم فيها؟ وماذا تعني لهم الحياة؟ إن مثل هؤلاء الناس ينظرون للحياة بمنظار خاص يقيسون به مستوى نظرهم أو نظرتهم للحياة يقرب أو يكبر أو يجسم لهم هذا المنظار فقط بحسب ماتشتهيه أنفسهم, فمن أوصاف هذا المنظار أنه أسود اللون ذو عدسات كبيرة تبرز لهم الأشياء التي يحبذون أن يبرزونها في أذهانهم العتيقة المتعفنة المليئة بغبار وأتربة الماضي البهيم, هؤلاء الناس هم أناس يتصفون بأوصاف قبيحة لايحبذ هذه الأوصاف حتى المجرمون الذين يرتكبون أبشع الجرائم والمعاصي والمنكرات أنه ليس هناك أي إنسان عاقل راشد يحب أن يتصف بهذه الأوصاف ،أو تقال عنه حتى كذباً وإن حدث ذلك فلا يمكن لأحد منا أن يسكت أو يصمت عن ماقيل أو نقل عنه زوراً وبهتاناً. هؤلاء الأشخاص لهم طبائع وغرائز غريبة, يحبون دوماً أن يصطادون في المياه العكرة وهؤلاء نحن نعيش معهم وموجودون في كل مجتمع من المجتمعات وهذا ليس مجرد كلام وإنما واقع نعيشه جميعاً والشاطر والذكي منا الذي يعرف ويميز هؤلاء لأنك عندما تراهم تحسبهم ملائكة يمشون على الأرض لأنهم يتظاهرون بالطيبة والمحبة والإخلاص والتفاني ؛في أعمالهم وهم على العكس تماماً, فقلوبهم مليئة بالحقد والغل والحسد والغيبة والنميمة والتجسس على أعراض الآخرين, أعداء لكل شيء جميل أوجده الله سبحانه وتعالى, لايعجبهم العجب ولا الصيام في رجب, يحاربون كل ناجح مبدع ومجد ومجتهد في عمله, أعداء حتى أنفسهم لايرحمونها من كثرة الركض هنا وهناك وراء الناس لكي لاتفوتهم الفرصة من نقل أي شيء يرونه بالنسبة لهم خبر الموسم, ياترى ماذا يستفيد هؤلاء الذين يرهقون أنفسهم في الركض وراء عورات الآخرين والبحث عن أشياء لايستفيدون منها شيئاً سوى غضب المولى عز وجل عليهم؟! الكل سيسأل لماذا كل ذلك؟ سأجيب بكل صراحة وشفافية هؤلاء يستفيدون الكثير والكثير من وراء ذلك مثلاً أنه سينال رضى ذلك الشخص والتقرب منه أكثر وأكثر وستكون هناك علاقة حميمية بينه وبين الشخص المنقول إليه هذا الخبر. فالكثير والكثير ممن أحبهم أناس شرفاء حكماء وعقلاء لأنه لايمكن أن يتصور أي منا أن من نتعامل معه تجده بهذه الأوصاف وذا وجهين الوجه الأول يتظاهر فيه بالطيبة والتسامح والمحبة والوفاء.. والوجه الآخر تظهر فيه كل السموم التي جمعها من الأفاعي والثعابين والعقارب وكل الخبث واللؤم والمكر الذي تعلمه من الثعالب والقبح والقساوة والحقد والحسد إلى جانب أنه مفترس ماهر ينقض على الفريسة سريعاً لايحتاج إلى حيلة أو إلى وقت حتى يصل إليها, ولكن بالمقابل هناك أناس يتصفون بقلوب بيضاء ناصعة البياض نقية صافية كصفاء السماء بعد غيثٍ ممطر, فطرت على الحب وفعل الخير مفعمة بالحنان والعطف والتسامح ،وهذه هي حقاً القلوب النقية الطاهرة التي يحزن الإنسان عليها إذا فارقتنا أو فارقناها فليس كل الناس ملائكة ولا كلهم أشرار ،ولكن حسب ظني أن من نتعامل معهم وكل المحيطين بنا هم أناس أخيار ملائكة خالين من العيوب لابد أن يكون هناك خطأ، ولكن أن نستمر في الخطأ ونتدخل في خصوصيات الآخرين فهذا عيب وعيب كبير ومحرم شرعاً. ولكن للأسف الشديد وأقولها مرة أخرى للأسف هناك أناس لايطاقون ،ولانستطيع أن نتحمل ممارساتهم المعيبة والغريبة والاستفزازية ولكن هذا حال الدنيا وربنا سبحانه وتعالى أوجد هذا الكون وهذا الكوكب وميزه بكثير من الصفات ،ومن أهمها هاتين الصفتين صفة الخير والشر.. ومن يزرع الشكوك ويرمي الحجارة في طريق الآخرين يزرع الموت والفناء له ويدفن في مقابر الخاسرين الذين خسروا الدنيا والآخرة.