إذا كان الدكتور رشاد العليمي، نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن قد اتخذ من الصدق طوق نجاة مما بعد الاستجواب من احتمال سحب الثقة عن طريق الاعتراف بالمخالفات المنسوبة لوزارته في تعيين عشرين عضو مجلس محلي في مواقع تنفيذية، فكان بذلك الوضوح قد انطلق من الاعتراف بالذنب كمن لا ذنب له، واعداً بتغيير هؤلاء المخالفين للقانون خلال الشهرين القادمين.. مستخدماً كل ما لديه من قدرة سياسية على التبرير بطريقة مقبولة.. فإن اللواء مطهر رشاد المصري، وزير الداخلية الذي واجه ما وجهه إليه النواب من استجواب حول الاختلالات الأمنية بكل ما لديه من رصيد ضخم لما حققته الأجهزة الأمنية من منجزات أمنية بالأرقام والإحصائيات العلمية الدقيقة دون حاجة على استخدام مالديه من قدرة سياسية على المناورة والتبرير الهادف إلى التمويه؛ لأن الحق أحق أن يُتبع، والصدق أقرب الطرق الموضوعية للاقناع والاقتناع، مقدماً نفسه بشخصيته الأمنية بل الاحترافية والمهنية العالية أكسبته الاحترام من قبل نواب الشعب وعدم الرغبة في تحويل الاستجواب إلى سحب للثقة يفقده حقيبته الوزارية المحاطة بالكثير من الصعوبات والتحديات والمخاطر الأمنية الرهيبة لثالوث الحوثيين الإماميين والحراكيين الانفصاليين والإرهابيين القاعديين. أقول ذلك وأقصد به أن اللواء مطهر رشاد المصري، وزير الداخلية المعروف بما لديه من قوة الشخصية قد هرب من سحب الثقة بتقديم القدرات العلمية والعملية على القدرات الكلامية النظرية، وقد أعد للاستجواب عدته بتقرير موثق بالأرقام الاحصائية الدقيقة التي بينت لنواب الشعب ما يعلمونه وما لا يعلمونه من المنجزات والانتصارات الأمنية المعلنة والمستترة بشفافية معبرة عن ثقته بنفسه وبما لديه من الآليات والوسائل الأمنية البشرية والتنظيمية الدقيقة، مؤكداً قدرة رجال الأمن الساهرين على الأمن والاستقرار في التصدي للصوص وقطّاع الطرق والخارجين عن القانون والقتلة بكفاءة عالية، متصدراً بثقة الإجابة عن كافة الأسئلة التي تخص وزارته وتلك التي تخص جهازي الأمن القومي والسياسي، مؤكداً في إجاباته الموثقة والرقمية أن الأمن كل لا يتجزأ، وأن واجب رجال الأمن أولاً يحتم عليهم محاربة وإحباط الجريمة قبل وقوعها، والكشف عما هو غامض من الجرائم المركبة بعد وقوعها مهما بلغت القدرة بمرتكبيها على التتويه والمباغتة وتوجيه الضربات الإرهابية الخاطفة، إلا أن قدرة رجال الأمن أكثر دقة علمية ومهنية عالية قياساً بما لدى الأعداء من قدرات وعصابات منظمة مقارنة بما لدينا من الإمكانيات والخبرات والكوادر المتواضعة الذين يقدمون حياتهم رخيصة في السهر على أمننا والتضحية بما لديهم من الجهود ومن الدماء الزكية ومن الأرواح الطاهرة التي لا تقدّر بأي ثمن مادي أو معنوي. حقاً إن ما ورد في حديث الأخ وزير الداخلية من مرارة وهو يشكو لنواب الشعب من المعوقات الدعائية والسياسية والقانونية التي تصدر عن رجال السياسة وقادة الأحزاب والتنظيمات السياسية الذين يملأون الدنيا ضجيجاً مع كل جريمة تحدث، مستخدمين في بياناتهم ومواقفهم النقدية كل ما في قواميس الشتم والإدانة والاستنكار، مطالبين رجال الأمن باستخدام كل ما لديهم من القوة وكل ما لديهم من الصلاحيات القانونية، بل أكثر مما لديهم من القدرات والصلاحيات للقيام بمسئولياتهم في جمع الاستدلالات وإدانة المجرمين الذين يبثون الكراهية ويحرضون على الانفصال وعلى التمرد ويتبعون السلب والنهب والقتل ويمارسون الإرهاب بعمليات انتحارية قاتلة ومفاجئة وبهجمات إرهابية دقيقة ومنظمة وذات فاعلية تدميرية هائلة وبأساليب دخيلة على مجتمعنا وعلى عقيدتنا الإسلامية الداعية إلى الأمن والسلام والمحرمة للانتحار وقتل النفس وقتل المدنيين الأبرياء تحت مبررات جاهدية مجنونة ما أنزل الله بها من سلطان. وقال وزير الداخلية إن إلقاء القبض على هؤلاء اللصوص وقطّاع الطرق وأعداء الوحدة وأعداء النظام الجمهوري من المشتغلين في إقلاق الأمن والاستقرار والسكينة العامة رغم ما تنطوي عليه من الجهود والتضحيات والمخاطر إلا أن المؤسف حقاً وصدقاً هو أن هذه الأحزاب والقيادات السياسية والإعلامية والمنظمات الحقوقية التي يتكون منها المجتمع المدني سرعان ما تتناقض مع مواقفها المعلنة وتتحول من النقيض إلى النقيض؛ من المطالبة بإلقاء القبض على هؤلاء القتلة والمجرمين والخارجين عن القانون إلى مدافعين عنهم ومطالبين بإطلاق سراحهم ووصفهم ب «المعتقلين السياسيين» الذين لا ذنب لهم سوى ممارسة حقوقهم في التعبير عن آرائهم ومظالمهم، والمطالبة بحقوقهم في مظاهرات ومسيرات واعتصامات سلمية على نحو يجعل من هؤلاء اللصوص والانفصاليين والمتمردين والقتلة وقطّاع الطرق ومثيري الشغب رجال سياسة وأصحاب رأي يندرج في نطاق الحقوق والحريات المكفولة بصورة شجعت هؤلاء على التطاول والمجاهرة باعتدائهم على المقدسات والثوابت الوطنية. وقبل ذلك وبعد ذلك لا توجد قوانين تحمي هؤلاء الجنود والصف والضباط الذين يقدمون حياتهم رخيصة من أجل حماية حياة الآخرين وأمنهم واستقرارهم، فهم إذا قُتلوا لا يجدون من يتعاطف مع ما يخلّفون من الزوجات والأطفال والآباء والأمهات والعجزة سوى ما يكفله لهم القانون من مرتبات تقاعدية لا تفي بالحد الأدنى من المتطلبات الضرورية، وإذا دافعوا عن أنفسهم وقُتلوا هؤلاء القتلة دفاعاً عن أنفسهم تكالبت عليهم السياسة والصحافة واتهمتهم بالقتلة، وطالبت بتقديمهم إلى المحاكمة غير العادلة وما تفرضه عليهم من عقوبات مادية وعقوبات مشددة تصل حد الإعدام وكأنهم قتلوا وهم يمارسون العدوان على حقوق الآخرين وأمنهم وأموالهم وحرماتهم بصورة ولّدت لديهم الخوف وأفقدتهم القدرة على التصدي لهؤلاء المتمردين والإرهابيين والانفصاليين الفوضويين والقتلة. إن رجل الأمن الذي تنتظره عقوبات تصل حد الإعدام والسجن المؤبد مدى الحياة لابد أن يفتقد الشجاعة ويتردد عن الاستعداد للتضحية بحياته خوفاً مما ينتظره من عقوبات قانونية قاسية تعامله على درجة المساواة مع اللصوص وقطّاع الطرق والإرهابيين والقتلة والخارجين عن القانون، ولا يجد من يقف إلى جانبه ومن يتعاون معه في مرحلة المحاكمة وأتعابها المكلفة، لذلك يحدث التردد عند رجال الأمن الذين تحولوا إلى هدف للقتلة والأشرار والمجرمين والإرهابيين والمتمردين على الدولة؛ الأمر الذي يحتم على نواب الشعب إعادة النظر فيما هو صادر من القوانين الأمنية بإدخال مواد الحماية لهؤلاء الذين تجشموا سنوات السهر ومشقات قتالية على مدار الساعة, حيث نجد رجل الأمن في حالة جاهزية مقرونة بالاستعداد للموت والتضحية بحياته ومن يعولهم من أجل حماية الأمن والاستقرار والأموال والأعراض والدماء والأرواح والممتلكات الخاصة والعامة وحماية المواصلات والتنقلات في طول البلاد وعرضها وفي الأرياف والمدن وعواصم المحافظات وأمانة العاصمة. أعود فأقول إن مهمة رجال الأمن ليست من المهام السهلة ولا حتى من المهام المحصنة لا يقوى عليها سوى الرجال المخلصين والمستعدين للتضحية براحتهم وحياتهم رخيصة من أجل حماية الوطن والشعب من الأشرار الذين لا هم لهم سوى إقلاق الأمن والاستقرار. لقد كان وزير الداخلية قوياً في منطقه، واثقاً من رجاله ومقدراً لما يقومون به من التضحية، وكان صادقاً وواضحاً مع نواب الشعب في دفاعه عن رجال الأمن وإظهار ما يحققونه من المنجزات، مؤكداً أن رجل الأمن أول من يضحّي وآخر من يغنم وأول من يموت من أجل الآخرين وآخر من ينعم بفوائد الأمن والاستقرار، حياته غصة على أسرته ومحنة على أبنائه وبناته وزوجته وأفراد عائلته الذين ينتظرون عودته سالماً على أحر من الجمر في كل مهمة توكل إليه؛ وليس من العدل المبالغة في نقده واتهامه في عدم القيام بواجباته بأساليب نقدية جارحة ذات كلمات نابية لا تراعي ما هو جاهز لتقديمه من التضحيات بجهده ودمه وروحه. التحية والتقدير لرجال الأمن البواسل المستعدين أبداً للتضحية بحياتهم من أجل توفير السعادة والأمان لشعبهم، والشكر موصول لكل القيادات الوطنية المخلصة التي تعمل بصمت ونكران الذات على مدار الساعة.. والتحية والتقدير لوزير الداخلية وقيادة وزارة الداخلية بشكل عام.. والأمن والاستقرار للشعب اليمني الصابر والصامد بوجه المؤامرات والتحديات والأخطار الكارثية الموجبة للحذر واليقظة ومكافحة الجريمة قبل وقوعها.