أقبل شهر رمضان؛ فأهلاً وسهلاً بشهر الرحمة والمودة والحنان، والعودة لتوشيج صلات الإيمان مع الواحد الديان. أما عامة الشعب اليمني؛ فإن إقبال هذا الشهر كما يشكّل سعادة وفرحة باعتباره شعب الحكمة والإيمان؛ فإنهم يستقبلون هذا الشهر بغير قليل من التذمر والحسرة بعد أن أصبح شهر رمضان شهر الطعام والشراب و"الساتلايت" ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكان يفترض أن يتخفف المسلم من عادات الطعام والشراب؛ تهيؤاً للعبادة. ليست عادة الطعام والشراب والسهر والإفراط في «المنبهات» هي عادة اليمنيين في شهر رمضان, بل هي عادة كثير من الشعوب العربية والإسلامية. فلقد اضطرت بعض الحكومات أن تعقد أكثر من مجلس وزراء ومجالس مختصة كالاقتصاد والتموين؛ لتكون نتيجة هذه الاجتماعات المتتابعة تصريحات «مطمئنة» بأن السلع الغذائية «متوفرة» بشكل كبير في الأسواق، ولن يتم «رفع» أسعارها تقديراً لحالة الشعب المتعبة... إلخ. وفي اليمن ليس من الضروري أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعات، وحسب يحتاج أن يوجد جمعية أسوة بما يحدث في بعض الأقطار العربية لحماية المستهلك. وتكون هذه الجمعية ذات فاعلية تستطيع أن تتابع بصدق وإخلاص لحماية الفقير والغني على السواء من جشع صغار التجار وكبارهم. كما أن الحماية الدينية تستطيع أن تقوم بتوعية إيمانية مفادها أنه من الأجدر والأولى أن يهتم المسلم بالتعرف على معاني الصوم وحقيقته وآدابه؛ فذلك خير من أن يكون الانشغال بالطعام والشراب الكمالي. إن شهر رمضان ليس إلا شهراً للإنابة والمغفرة والعمل الصالح؛ فهو شهر الروح وليس المعدة. لقد أصبح رمضان شهر عادة للإسراف في الطعام والشراب والإسراف في الوقت، والإسراف في المال بما لا يفيد؛ مما يعرّض المسلم لخسارة كبيرة وغبن شديد يوم القيامة. فالشهر الكريم شهر كله رحمة وعمله الإيماني مضاعف؛ وهو شهر تجليات بأيامه وساعاته ودقائقه وثوانيه. ومن النقصان أن يستقبل الضيف الكريم شهر القرآن؛ فيكون احتفاؤنا بالمعدة و«بهيمية» الطعام والشراب!!.