ما أدراك ما الإشاعات.. إنها في أكثر الأحيان تقلب حياة الناس رأساً على عقب وتحول نعيم عيشهم إلى جحيم وتؤثر أيما تأثير في حياتهم.. وتفكيرهم..!! حيث حدث ذات عامٍ من الأعوام.. وفي مثل هذه الأيام في شهر رمضان.. أن استمع أحد المواطنين إلى مصدرٍ غير موثوق بأن منطقة من مناطق “الشرفين” ستتعرض لهزة أرضية عنيفة وستسحق الأخضر واليابس وستخلف دماراً كبيراً. أعظم من كارثتي «تسونامي» و«كاترينا» وانتشر ذلك الخبر «الإشاعة» بسرعة البرق وبقي أصحاب المنطقة المذكورة يعدون الدقائق والثواني طيلة أيام الشهر الكريم وأن حياتهم أصبحت تشرف على النهاية المحتومة.. وأنهم على حافتها..!! فمنهم من أخذ محتويات منزله “الطيني” ليسكن مع أقاربه في بيوتهم الأسمنتية ظناً منهم أنها ستحميهم من الكارثة..!! ثم انتهى رمضان..وجاء العيد ورحل شوال.. وتوالت الشهور ولم يحدث مما ذكر شيء، فكل ذلك الرعب والهلع اللذين زعزعا حياة واستقرار المواطنين مجرد إشاعة لا أقل ولا أكثر..!! ونتأمل كيف أن الإشاعة.. تنتشر بسرعة قياسية كإشاعة «أتاريك الغاز» وغيرها.. وقد تصل الإشاعات إلى أبعد مما يقلق الحياة واستقرارها..!! ففي إحدى القرى النائية.. وفي مدرسة خاصة ب«الفتيات» أشيع أن بالمدرسة حدثت حادثة أخلاقية.. وأن تلك المدرسة أصبحت مشبوهة..!! ودون أن يتأكد أهالي الفتيات من ذلك.. فأخرجوهن من المدرسة مرغمات وقاموا بتزويجهن جميعاً.. ظناً منهم أنهم يحمونهن ويحافظون عليهن..!! وما أدركوا أنهم رموهن إلى الجحيم ذاته.. نظراً لأنهن قاصرات لايستطعن مواجهة مسئولية أكبر من حجمهن.. وتخيلوا بعد أشهر قليلة منهن من انضمت إلى خانة «المطلقات» ومنهن من فارقت الحياة بسبب الحمل المبكر الذي لم يحتمله جسدها الصغير..!! وذلك نتيجة حماقة الآباء والأمهات وسرعة تصديقهم بإشاعات أودت بضحايا لا حول لهن إلى نتيجة مأساوية. وبين أفراد المجتمع خلايا سرطانية تنخر في جسده حتى تهلكه الإشاعات.. وإن كانوا لايظهرون على السطح إلا حين ينفثون سمومهم الضارة.. وقال تعالى في محكم آياته: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين..» ورمضان كريم.