المصارعة.. قاتل الله المصارعة والمصطرعين بها وفيها، لأنها رياضة، للأسف, تقضي على إنسانية الإنسان، وعاطفيته وأخلاقه.. إنها “رياضة مكراضة” وتذهب بالجسد الذي خلقه الله فأحسن صنع خلقه سبحانه، وقد يكون هذا الجسم الجميل في الأخير كتلة من الدم والشحم واللحم، كتلة لاحراك لها ولا بها قدرة على الحركة نظراً لخلل أصاب أحد أعضاء الجسم أو شلّ حركته.. وما قيمة الإنسان إذن.. بعد هذا كله.. أليست المادة هي الطاغية والباغية؟! هذا على مستوى البشر الذين تراهم في صور وحوش ليس إلا، فهم يدمرون الإنسانية تدميراً، ويزرعون الدمار والوحشية في نفوس الناس، ولعل المشاهد يكون مكتئباً متذمراً، مهما كان مشجعاً , لكنها رياضة لا تؤدي إلا إلى الهلاك، وتلك من أوخم العواقب. ولكن الحديث عن “الماتادور” الإسبانية التي هي تعني بالعربية ولو بشكل مجازي “مات الثور” جراء الحراب والسيوف التي تمزق جسده وتسيل دمائه حتى يخور ويقع فريسة لوحوش أكبر من أن نسميهم بشراً.. مات الثور ولكن بطريقة بشعة ووحشية، رغم أننا نعرف أن الثور هو ما يُذبح لنأكل لحمه لكن ليس بالبشاعة التي نراها وهم يتزينون لها ويلبسون الملابس الخاصة المزركشة والمصبوغة بلون الموت “الدم” وبميادين كبيرة وحضور لافت.. هكذا هي إنسانية هؤلاء الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان، وهم يسلبونها حتى عن الحيوان البريء والذي لاندري كيف سكنت أو تعامت جمعيات الرفق بالحيوان كل هذه السنين لترى أن التشريع للموت البشع إنما يبدأ من الثور والخرقة الحمراء والبشر المتوحشين إلخ. ويحكي لنا التاريخ الإسلامي أن المعتصم بالله الخليفة العباسي الذي دمر أنقرة انتقاماً لامرأة صرخت “وامعتصماه!!” لضيم نالها وعصف بها، فشدّ الرحال وثأر للمرأة التي يقال إنها من نفس القرية القريبة من أنقرة “قرية والدته التركية” ولكن العبرة في أنه وهو المسلم الذي لايقبل بالكلاب لأنها نجسة، صادف أنه رأى كلباً مقطوع اليدين وهو يحاول أن يشرب من النهر فلم يستطع، فترجل المعتصم من على جواده وحمل الكلب بيديه إلى حافة النهر وجعله يلعق الماء بلسانه حتى ارتوى، وتركه بعيداً على النهر إلى سبيل حاله!. وقالوا.. إن الكلب هذا استدار إلى الخليفة وحرك ذيله بطريقة توحي بتقديم الشكر عرفاناً بما قام به المعتصم، وهي صورة يتجلى فيها معنى الرفق والحنان، رغم كون المعتصم كان مقدماً على معارك سوف تسيل فيها الدماء، وتطير الجماجم، لكن رؤيته للحيوان المسكين هكذا أرغمته على المساعدة، وهل أجمل وأعظم من موقف كهذا.. أم أن الثور الإسباني لايستحق هكذا موقف إلى يومنا هذا..! والذبح في حد ذاته يجب أن يكون بشكل حسن ودقيق ولا تعذيب فيه للحيوان المذبوح، وقد رأينا كيف أن القضاء المصري حاكم أولئك الجزارين الذين كانوا يذبحون الثيران بطريقة التعذيب البشع فما بالنا اليوم نتحدث عن مصارعة الثيران المقززة وغير الإنسانية , وهل يقبل المجتمع الإسباني الذي عاش على إرث ثمانية قرون إسلامية , هل يقبل بسفك الدماء نهاراً جهاراً بحجة أنها رياضة؟!.