توارث العرب المثل القائل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض والمعنى واضح والدلالات واضحة أيضاً ورغم إدراك العرب منذ زمن بعيد لخطأ سياسة “الثور” الأسود، وعدم جدوى الندم الذي أطلقه للتكفير عن خطيئته جراء تآمره على شقيقه الأبيض، إلا أن تلك السياسة ظلت تمارس بصورة مستمرة وقد أورد التاريخ مشاهد ومواقف دلت على استمرار سياسة(الثور) الأسود كسياسة متوارثة يصعب تجاوزها أو مخالفتها لم تذكر كتب التاريخ أو الروايات التي تحدثت عن حكاية “الثيران” الثلاثة المكان الذي كانت تقيم فيه على وجه التحديد، ولم تذكر في أي زمن، ورغم عدم أهمية الزمن والمكان في حكاية من هذا النوع إلا من باب التأكيد أن لغة “الثيران” عربية ودمهم عربي ونشأوا في بيئة عربية خالصة لنكتشف بذلك أن “الثيران” الإسبانية مثلاً لم تمارس هذه السياسة مع بعضها، وكذلك “الثيران” اليهودية التي تداعت من سائر بقاع الأرض لنصرة بعضها، وإقامة وطن قومي “للثيران” في فلسطين بدعم ومؤازرة من “الثيران” النصرانية في الشرق و الغرب. اليوم ثمة حظائر مشتركة تجمع ثيراناً مختلفة الأجناس والقوميات والعرقيات، وهي تمارس التعاون والنصرة فيما بينها في مواجهة “الثيران” التي رفضت الانضمام إلى الحظيرة المشتركة. سياسة “الثور” الأسود التخاذلية في جانب منها والتآمرية في الجانب الآخر لم تعد عامة 100% فثمة “ثيران” أسعفهم الفهم والإدراك في الوقت المناسب فتمرّدوا على تلك السياسة مستفيدين من ندم “الثور” الأول المذكور في المثل العربي ورغم أن هذه الثيران ليست عربية جميعها إلا أنها استطاعت فهم لغة المثل ودلالاته فتفادت أو حاولت وما زالت تحاول تجنب الوقوع في ذات المصير الذي وقع فيه “الثور” العربي الأسود في قديم الزمن ولم تزل “الثيران” العربية تمارس نفس الخطيئة حتى اليوم. يرى بعض المحللين المهتمين بشأن الحظيرة العربية أن سياسة “الثور” الأسود الخاطئة قد تُمنى بهزيمة طالما أدرك البعض كارثية تلك السياسة، وبدأوا بالتمرد عليها، لأن البقاء للأذكى، ولمن يدرك عواقب الأمور جيداً، ولمن يفهم سياسة(الوحوش) التي تحاول أن تقيم علاقات متميزة وودية في ظاهرها مع بعض “ثيران” الحظيرة على حساب بقية الثيران، ومن ثم ستدفع “الثيران” التي تآمرت أو تخاذلت أو تكاسلت أو تلك التي أُعطيت مهمة قيادة الحظيرة رغم عدم أهليتها للقيادة، سوف تدفع نفس الثمن الذي دفعه(جدها الثور الأسود). ويرى بعض المهتمين والمراقبين لأحوال(الحظيرة) العربية أن “الثيران” التي استطاعت فهم خطأ سياسة “الثور” الأسود سوف تكون أحسن حالاً من غيرها، رغم الاختلاط مع تلك “الثيران” في القضايا الفكرية ولكن ما يحدث اليوم يستدعي الحذر، فالمسألة أكثر تعقيداً من ظاهرها. والمرحلة تشهد خلطاً للأوراق وربما تذهب المنطقة إلى الهاوية بما فيها من “ثيران” وتضيع القضية الرئيسية التي طالما أدّعى الجميع حرصهم عليها. كان من المفترض أن تبحث “ثيران”الحظيرة العربية عن وسائل وقواسم التقارب بينها، ويفكرالجميع تفكيراً يتجاوز أرنبة الأنف وحدود بستان الموز والبرسيم،ليروا ما يمكن أن تؤول إليه أوضاع “الحظيرة” إذا استمرت سياسة“الثورالأسود”ومن قبله ومعه سياسة« الثور الأحمر» ويدركون أن ما يصدق في مكان ما وما ينطبق في مكان لايصدق ولاينطبق في مكان آخر وأن فتح الحظيرة للوحوش التي تربطهم بها علاقات ودية سوف تكون نتائجه كارثية، ولا أمان لوحش قاتل ولو أطعمته و سقيته فهل تتدارك “الثيران” العربية هذا الأمر قبل فوات الأوان مرة أخرى؟!! رابط المقال على الفيس بوك