ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 63م ثورة من أعظم الثورات في القرن العشرين مثل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فكلتا الثورتين قامت في ظروف محلية ودولية حالكة الظلام, لامكان فيها لمن يريد رؤية نور العصر كما هي في كل الأصقاع بما فيها الدول والأقطار المتخلفة والشعوب الفقيرة الجاهلة.. فالثورتان اليمنيتان تكاملتا منذ بدء الاتصالات السرية بين الأحرار في شمال وجنوب الوطن حين كانت الطرق معدومة, والحمار هو الوسيلة الوحيدة لنقل المعلومات وتنقل الأشخاص بما يحملونه من المؤن عبر طرق مقفرة وبعيدة عن أنظار العسس والحرس الخادمين للإمام والاحتلال. وكان من أهم ما ميّز الثورتين أنهما تفجرتا عقب فشل أول تجربة وحدوية كان الشعب العربي قد رحب بها وهتف لها وصُدم يوم أعلن الانفصال، وكان رد الفعل في اليمن على المؤامرة هو قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بناء على قرار الأحرار من مدنيين وعسكريين ومعهم طلاب المدارس والشخصيات الوطنية التي وفرت لهم المأوى أحياناً والدعم المادي ولا أدل على ذلك مما قدمه التجار والبسطاء في آنٍ معاً من تأييد ومباركة كطلاب المدارس في تعز وصنعاء الذين اعتصموا ثم حوصروا وقطعت عنهم المياه والغذاء. فكانت تلك الأحداث الشرارة الأكثر صدى لدى اليمنيين باعتبار انتماء الطلاب إلى معظم المناطق اليمنية, والمسمار الأخير في نعش الإمام الذي كلف أشرس عكفته باستخدام القوة ضد طلاب المدرسة الأحمدية بتعز، وللتاريخ نشهد بأن قائدهم المرحوم علي فائع كان حكيماً ومهذباً في تعامله مع الأحداث التي دامت أياماً فاحتفظ بالقنابل التي أُمر بإلقائها على الطلاب لإخراجهم من المدرسة وإعادتهم إلى قراهم أي إلغاء التعليم. وقد كانت الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر أعظم حدثين في ذلك التاريخ على مستوى المنطقة العربية التي كانت كلها واقعة تحت الحكم الفردي والأسري المدعوم من الخارج سوى مصر وسوريا اللتين تخلصتا من الرجعية والاستعمار وشكلتا وحدة غنّى لها الكبار والصغار ليس في الوطن العربي بل في الجوار الأفريقي على الأخص.. وكان من البديهي والمنتظر أن تقوم وتعلن ثورة الرابع عشر من أكتوبر بعد عام واحد من قيام ثورة سبتمبر تحقيقاً للأهداف الستة ونزولاً عند رغبة كل اليمنيين وتحقيقاً لتطلعاتهم في إلغاء الحدود المصطنعة وتطهير الأرض اليمنية من المحتلين والمستبدين والولوج إلى عصر النهضة الذي حرمنا منه لتكتمل وتتوحد قوى الثوار في إدارة المعارك وتصفية الوجود الظلامي بأي ثمن وكان لهم ذلك.