لا أحب كرة القدم، بل وأسخر من جماهيرها التي تحتشد بالملايين في كل العالم لمشاهدتها... مشاهدة كرة بلاستيك يطاردها اللاعبون بأقدامهم من مكان لآخر، حتى إذا ما دخلت في مساحة معينة، هب الناس يصفقون ويكبرون ويشتمون ويشمتون، ويبلغ السفه بالعقول أن يشترى لاعبوها بملايين الدولارات، ورب (زبطة) موفقة قذفت بصاحبها إلى مصاف الأثرياء المرموقين جداً. في نهاية السبعينيات كنت حينها في الأول الإعدادي ، زرت مصر، ولسوء حظي كنت في زيارة بيت (أهلاوي) وكان اللعب ذاك اليوم ، ثاني يوم وصولي مصر المحروسة بين الفريقين ، العدوين اللدودين : (الأهلي) و(الزمالك) رأيت في البيت حركة غير عادية، فلما سألت، قال الأخ الكبير ، بعد ساعتين (حتشوف ابن (...) واخد روحه وماشي) يقصد الزمالك، وقالت أخته الكبرى (عيب يا راجل أختشي الأهلي هو ابن ( ...)، وقال انت مالك يا معنسه يا قرديحي لو ماكنتيش زملكاوية كنت اجوزت من زمان، حينها تدخلت الأم: (أنت وهيه أولاد ( ...)، كان مالنا والهباب ده). المهم بدأت المباراة ، بينما أخذ الجميع أماكنهم ونسوني تماماً، أما أنا في الشوط الأول فانتابني الصداع الشديد من كثرة الصراخ وارتفاع الأصوات، وفي نهاية الشوط الثاني شعرت بمغص حاد ودوار وغثيان وفي النهاية لم أر أحداً في الصالة، لأن الاخوة الأعداء تفرقوا أيدي سبأ، ولم يبق غير الأم، تودعني معتذرة لعدم القيام بواجب الضيافة (أصل الهبابة دية عملت العمايل ، معليش يا ابني). من ذلك اليوم وأنا أنظر إلى كرة القدم نظرة .... وأنظر إلى من يشجعها نظرة رثاء وأدعو الله لهم بعاجل الشفاء، والإنسان ضعيف ونسأل الله العافية. نظرتي اليوم إلى الكرة اختلفت من حيث المكان، فالقادمون مشجعون ولاعبون إخوة أشقاء، فأهلاً بهم في مهدهم الأول ووطنهم الثاني، ومن حيث المبدأ فهو اجتماع على ضلالة جميلة، هي أهدى ضلال، بحسب الفضول وصديقه العبسي !! بل يبلغ بي التعصب للاشقاء القادمين أن يسعدوا بخليجي عشرين ولو على حساب المرمى اليمني.. وغداً نكمل.