منذ عقودٍ خلت والعالم العربي مصاب بداء السياسة المعضل ، وليست هناك دولة عربية واحدة إلا وفيها أجنحة معارضة بلباس حزبي أو ديني في الداخل والخارج ، كل منهم ينشر غسيل الأنظمة ويكشف مساوئها أمام الآخرين من وجهة نظره هو فقط وبما يمتلكه من قناعات.. ويحاول بكل مايستطيع إقناع الآخرين بوجهة نظره بالحق حيناً وبالباطل أحياناً أخرى.. ولهذا وكلمّا حلت مصيبة على رؤوسنا لعنّا السياسة وصببنا جام غضبنا على أرباب السياسة وأصحاب المصالح من أفراد وأحزاب وجماعات ومذاهب وحتى دول.. وهانحن اليوم ومنذ تفجر الأزمة السياسية في وطننا الحبيب أصبحنا نقتات السياسة دون توقف ومجبرين على التعاطي معها والخوض فيها في كل وقت وحين, في البيت والشارع, في المدرسة والمستشفى ، وفي كل مكان نذهب إليه ، ولم تعد السياسة حكراً على الكبار وشريحة المثقفين والمنتمين للأحزاب السياسية ، ولكنها بفضل الإخوة في أحزاب المشترك وبالذات حزب التجمع اليمني للإصلاح وصلت إلى جميع أفراد المجتمع ، حتى أطفال الروضة أصبحوا مسيسين وشغلتهم هموم السياسة عن مرحهم وألعابهم ، وبسبب الفهم المغلوط للعبة السياسية تخلى الطبيب عن مرضاه والمدرس عن مدرسته ، والأستاذ الجامعي عن جامعته وطلابه, والموظف عن عمله وحتى المرأة تخلت عن بيتها وتربية أطفالها ، واحتلت الأهداف السياسية أولوية عندها ولم يعد مستقبل أبنائها ومصالحهم تشغلها بقدر انشغالها بالسياسة ومصالحها .. هي السياسة إذاً تجمع بين كل المتناقضات وتوحد جميع الاتجاهات مهما كانت متباينة, وتتلاشى أمام مصالحها كل المحظورات. والسياسة أيها السادة تصل بالأمور إلى أبعد مما نتصور لدرجة أنها تباعد بين الأشقاء وتجعلهم ألد الأعداء.. ليس فيها عدو دائم ولاصديق يبقى مخلصاً على الدوام ولو كان ذا قربى.. شعار العاملين بها أكانوا أفراداً أم أحزاباً أم جماعات وحتى دولاً المصلحة قبل كل شيء وفوق جميع الاعتبارات ، وأينما تجد مصلحتك تجد نفسك, وحين تحضر السياسة وحساباتها ومصالحها تسقط جميع الحسابات والمصالح الأخرى بما فيها مصالح الشعب والوطن.. وقلمّا تجد فرداً أو جماعة أو حزباً ، خصوصاً في عالمنا العربي يغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.. ويعمل من أجل الصالح العام ويقدم مصلحة الشعب والوطن على مصالحه ومصالح جماعته ومذهبه وحزبه.. وفي عالمنا العربي المليء بالعجائب والمتخم بمئات التكتلات السياسية بمختلف الاتجاهات اليمينية واليسارية ومابينهما ضاعت السياسة الحقيقية ، واختفى السياسي العربي بين حشود المتسيسين والمتسلقين على هامش السياسة ، فهم ليسوا محترفي سياسة ولاحتى هواة ، وإنما شاءت الظروف وأجبرتهم مصالحهم ليكونوا سياسيين أو بالأصح متمصلحين من السياسة ويختاروا اتجاهاً معيناً ينتمون إليه ولاعلاقة لهم بالمبادىء والقيم والأخلاق وهذا ماجعلهم أشبه ببوصلة أينما اتجهت مصالحهم اتجهوا وأينما مالت مطامعهم مالوا.. فلا عجب أبداً أن يتفق الإسلاميون مع الشيوعيين ويلتقي القوميون مع الملكيين والسنة مع الشيعة والإخوان المسلمون مع الاثني عشرية... الخ مادام هدفهم واحداً ، فالغاية تبرر الوسيلة.. وهذا ينطبق على واقع حالنا اليوم في وطننا الحبيب.. واللقاء المشترك ومن يدور في فلكه أنموذج للتكتلات السياسية التي يوحدهم الهدف وتفرقهم المصالح.. وكنت أتمنى أن يكون توحدهم وائتلافهم والتقاؤهم من أجل مصلحة الشعب والوطن ، من أجل قضية تهم العرب والمسلمين فتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى. قطر الأشقاء - الأعداء - من حق الأشقاء في قطر أن يعززوا نفوذهم ويعلنوا للعالم وجود دولة اسمها قطر، ومن حقهم أيضاً أن يطمحوا لتكون لهم مكانة ويكون لدولتهم دور ومكانة مرموقة في هذا العالم.. ولكن لايحق لهم أبداً أن ينموا نفوذهم ويقووا دورهم ويعلنوا وجودهم بالتآمر على الآخرين والتدخل في شؤونهم الداخلية ، وخلق الإشكالات والقلاقل في الدول العربية وعبر التحالفات مع الدول المعادية للعرب.