إن شهر رمضان المبارك يعد مدرسة ربانية, وجامعة إلهية, يتعلم المسلم فيها دروساً إيمانية, وعلوماً روحانية, ويتعرف فيها على أنواع الخير, وألوان البر, وأصناف الإحسان, ومن أعظم وأجل هذه الدروس: 1- الصبر: يتعلم المسلم في مدرسة رمضان الصبر, ويتحقق له ذلك بكامل معناه, فتراه يصبر طوال يومه على شدة الجوع والعطش, ويصبر على الشهوات والملذات, ويهجر المباحات, إرضاءً لرب الأرض والسموات, بل إن الصائم ليحقق أنواع الصبر الثلاثة, وهي: الصبر على الطاعة, والصبر على المعصية, والصبر على أقدار الله, وقلما يتحقق ذلك لغير الصائم, وقد سمي رمضان بشهر الصبر, وسمّى الله تعالى الصائمين بقوله سبحانه: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”. 2- الجود: ومن تلك الدروس الجود, وذلك لأن الصائم عندما يشعر بمرارة الجوع والعطش, يتذكر أناساً يعيشون طوال العام على هذه الحالة, فحينها تجود يمينه, ويتصدق بما عنده, ويسخو بما يقدر عليه, مقتدياً برسوله الأكرم الذي كان في رمضان أجود من الريح المرسلة- صلى الله عليه وسلم. 3- الاتصال بالله: ومن تلك الدروس- بل من أعظمها- اتصال الخالق بالمخلوق, وارتباط العبد بالمعبود من خلال القيام بأنواع الطاعات, وممارسة ألوان العبادات, والتنقل بين أداء النوافل والواجبات, زد على ذلك الاتصال بالدعاء, الذي هو أعظم وأنفع وأقرب وسائل اتصال العبد بخالقه ومولاه. 4- العيش مع كتاب الله: في رمضان- وهو عيد القرآن- يعيش المسلم مع كتاب الله سبحانه وتعالى وماأجمل وما أروع يوم أن ترى العبّاد والزهاد وهم يتنافسون في هذا الميدان, ويتسابقون في ذلك المضمار, وكل واحد يريد أن يقرأ أكثر من غيره, ويختم المصحف قبل سواه, لينال الأجر, ويفوز برضا الرب, ويقرأ المسلم القرآن في رمضان غضاً طرياً, وكأنه نزل الساعة. 5- الإحسان إلى الخلق: ومن محاسن مدرسة الصوم أن الإنسان المسلم يكون رقيقاً بالعباد, رحيماً بالخلق, فلا يسب, ولايشتم, ولايغتاب, ولايلعن, ولايسخط, لأن الصوم يمنعه, ورمضان ينهاه, ولأنه متلبس بعبادة جليلة, وطاعة فضيلة, متبعاً في ذلك قول الرسول الأعظم “فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم”. هذه بعض- بل أهم- الدروس المستفادة من مدرسة الصوم, وهناك دروس أخرى كثيرة وكثيرة جداً, ينالها الصائمون, ويستفيدون منها في مابعد رمضان.