شكّل فوز الناشطة الحقوقية والكاتبة الصحفية توكل عبدالسلام كرمان بجائزة نوبل للسلام الحدث الأبرز على الساحة المحلية في الأيام الماضية نظراً للمكانة العالمية التي تحتلها هذه الجائزة التي دخلت في سجلها لأول مرة في تاريخها، ولا أخفيكم سراً أنني ومعي كل اليمنيين وفي مقدمتهم توكل كرمان نفسها لم نكن نتوقع أن تفوز توكل بهذه الجائزة المخصصة للسلام وخصوصاً أن معايير وشروط الجائزة التي أرى أنها غير موضوعية وغير دقيقة لاتنطبق على الفائزة بها، فالكل يعرف ماذا صنعت هذه المرأة العالمية بشباب ساحة جامعة صنعاء وكيف عملت على تعريضهم ضد وطنهم ومكتسباته الخالدة، الكل يعرف الأدوار التي لعبتها توكل في الدفع بالشباب المعتصمين نحو المنشآت والمؤسسات العامة تحت مسميات عدة منها “التصعيد الزخف الخلاص الحسم”. وماحصل على مقربة من بنك الدم من مواجهات دامية خير شاهد على أن توكل لا تستحق أن تكون راعية أو داعية سلام على الإطلاق، بالله عليكم متى كان التحريض على العنف والفوضى والصراعات نضالاً أو دعوة للسلام، ونحن هنا عندما نتحدث عن عدم استحقاق توكل كرمان لهذه الجائزة فإننا لاننطلق من منطلق الغيرة أو الحسد ولكننا ندرك ونؤمن بأن معايير هذه الجائزة لاعلاقة لها بالسلام لامن قريب ولا من بعيد وبالإمكان مراجعة سجل الفائزين بها، حيث سيتضح للجميع بأن هذه الجائزة دائماً ماتكون الشخصيات المرشحة للفوز بها ذات معايير تتماشى مع أهداف القائمين على هذه الجائزة ففي العام 1994م على سبيل المثال تم منح ذات الجائزة لكل من شيمون بيريز واسحاق رابين وهما من مجرمي الحرب وأعمالهما الإجرامية في حق أبناء الشعب الفلسطيني غير خافية على أحد ولايختلف على دمويتهما وإجرامهما أحد فكيف تم منحهما هذه الجائزة؟!! أي اسهامات في مجال السلام قدما حتى يحصلا على جائزة نوبل وقس على ذلك بقية الفائزين من العرب والمسلمين وغير المسلمين، هناك معايير خاصة لمن يحظى بالفوز بهذه الجائزة وأظنها قد توفرت من جهة نظراً للجان القائمة على هذه الجائزة لدى توكل كرمان، ويبدو أنها حظيت بدعم أيضاً من بعض النافذين ممن لديهم ارتباطات وعلاقات ظاهرة وخفية بالسلطات الصهيونية وأذرعها المتغافلة داخل لجان هذه الجائزة من أجل تنفيذ أهداف وأجندة خاصة يسعى هؤلاء من خلالها إلى التحكم في مصدر القرار داخل اليمن والبلدان العربية والإسهام في إنتاج أنظمة عملية تتماشى مع مطالبهم وأهدافهم الشريرة. وإنني هنا استغرب بشدة عن الأسباب التي أدت إلى حرمان شباب الثورة المصرية التي تزعمها الشاب وائل غنيم والتي تحلت بالنهج السلمي منذ البداية وحتى النهاية والتي كانت أنموذجاً للنضال السلمي الفعلي والعمل الثوري الملبي لرغبات وتطلعات أبناء الشعب المصري، لقد كان أسم وائل غنيم هو المرشح الأول للجائزة تقديراً لسلمية الثورة أو الانتفاضة المصرية التي تختلف عن الحركات والممارسات الانقلابية والتآمرية الموجودة اليوم في عدد من البلدان العربية ومنها بلادنا،قيل بأن أحد الزعماء العرب تدخل شخصياً لاستبعاد وائل غنيم واستبداله بالناشطة توكل كرمان،لأغراض في نفس يعقوب،وقد وعد هذا الزعيم بتعويض غنيم مادياً،وأنا هنا لا أستبعد ذلك على الإطلاق إنطلاقاً أمن الرؤية القاصرة التي يتحلى بها العديد من الزعماء العرب،على العموم دخلت اليمن سجل جائزة نوبل بواسطة توكل كرمان وكنا نأمل أن يسهم فوزها بهذه الجائزة في تقويم مسارها القائم على التحريض والعنف وإذكاء الصراعات والفتن والتشجيع على السير بالأوضاع في البلاد نحو المواجهات المسلحة والحرب الأهلية،من المؤسف جداً أن تقف هذه المرأة عائقاً أمام اجتماع أطراف الأزمة السياسية الراهنة على طاولة الحوار من خلال رفضها فكرة الحوار جملة وتفصيلاً وإصرارها على السير خلف دعاوى التصعيد والتأزيم التي تقود إلى المواجهات المسلحة وخصوصاً بعد أن صار السلاح هو سيد الموقف،وبعد أن تحولت ساحات الاعتصام إلى مجتمعات مسلحة ومخازن للذخيرة ولم يُعد الحديث عن السلمية إلا مجرد ضحك على الذقون فقط،وهنا أتساءل: لماذا لاتبادر الحاصلة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان بإدانة هذه الممارسات غير القانونية والتي تتنافى ومبادىء وقيم السلام والألفة والمحبة،لماذا تلزم الصمت إزاء ما تقوم به ميليشيات حزبها في أرحب ونهم المدعومة بقوات الفرقة التابعة للجنرال المنشق والعناصر المتطرفة التابعة لجامعة الإيمان، لماذا الصمت على أعمال التقطع والاختطافات التي تقوم بها قيادة الفرقة والتي طالت حتى رجال الإعلام والصحافة؟ لماذا الصمت على الزج بالشباب وصغار السن في مواجهات مسلحة من أجل مصالح ذاتية رخيصة لاعلاقة لها بالمصلحة الوطنية لامن قريب ولا من بعيد، لماذا الصمت على كل الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوى المعارضة ومن سار في طريقها ودار في فلكها بخلاف ماعليه الحال عندما تكون السلطة هي المتهمة بارتكاب هذه الانتهاكات؟!!، أين الحيادية والشفافية والمصداقية والحرص على المصلحة الوطنية؟!! كنا نأمل أن يكون فوز توكل كرمان بجائزة نوبل نقطة تحول في مسارها السياسي والحقوقي بحيث تتخلى عن شطحاتها التحريضية وأسلوبها الهجومي غير المتزن ونزعتها العدائية المقيتة ومواقفها المتطرفة المشجعة دوماً على العنف والتي تقود إلى الحروب والصراعات، وتعود إلى جادة الحق ومنطق الحكمة والرشد والصواب، وتستجيب وتتفاعل مع دعوات الألفة والمحبة والسلام عبر طاولة الحوار الوطني الذي يقود البلاد إلى مافيه الخير والصلاح والأمن والاستقرار وتجاوز هذه الأوضاع الصعبة والمريرة التي أوصلتنا إلى حالة يرثى لها، كنا نأمل أن تظهر علينا بعد فوزها بجائزة نوبل للسلام بمظهر مغاير لما كانت عليه قبل ذلك ولا أقصد هنا بالمظهر المظهر الخارجي في الشكل أو الملبس - ولكن أقصد المظهر الداخلي المرتبط بطريقة التعاطي مع تداعيات الأزمة الراهنة والحلول الكفيلة بإخراج البلاد منها بأقل الخسائر الممكنة استناداً على قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” من خلال توظيف علاقتها مع قوى المعارضة والقوى المتحالفة معها لتصب في هذا الاتجاه لكي تؤكد أنها داعية للسلام وتجبرنا على أن نقول فعلاً هي تستحق جائزة نوبل للسلام لأنها أسهمت في حقن دماء اليمنيين ونزع فتيل الحرب الأهلية التي كانت تتهددهم وكان لها بصمة في تحقيق حلم كل اليمنيين سلطة ومعارضة بالإسهام في إيجاد حل جذري للازمة الراهنة عبر طاولة الحوار وبمنأى عن أصوات البنادق والمدافع والقذائف وصنوف الأسلحة المختلفة ولكن للأسف فقد خيبت الظنون والآمال وظهرت بعد فوزها بالجائزة أكثر تطرفاً وتشدداً وإصراراً على المضي في تأزيمها للأوضاع وتصعيدها للأحداث وكأنها تؤدي مهمة موكلة إليها وكان حصولها على جائزة نوبل للسلام هو جزء من الثمن أو التكريم الممنوح لها مقابل تلك المهمة. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن. [email protected]