كبُر اليمن وقيادات فرقاء العمل السياسي كثيراً في عيون العالم أجمع من أشقاء وأصدقاء وهم يتوافقون على صيغة وآلية تخرجهم من نفق الأزمة الحالكة والطاحنة التي كادت تتحول إلى وبال خطير، لكن الله كان لطيفاً بعباده وألهم الحكمة لقياداته الذين انتصروا لها ولحنكتهم.. واهتدى الجميع وسلكوا طريقاً آمناً للخروج من ذلك النفق وأُسدل به الستار على مخططات تفخيخ الوطن وتجنيب الناس ويلات الشر والبؤس والحقد الذي كان ينتظرهم.. فاستحق الفرقاء السياسيون هذا السيل من الإطراء والإشادة والثناء على حسن صنيعهم وتعاملهم الجيد وحرصهم على المشاركة والالتفاف حول خيار التوافق الذي تتطلبه ظروف المرحلة الراهنة وتعقيداتها وما سببته وخلّفته من متاعب للناس وتكدير معيشتهم وصفو حياتهم. ومن المهم أن يدرك جميع الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة بأنها حققت انتصاراً تاريخياً يتوجب أن تحافظ عليه بالالتزام بتنفيذ ما ورد في المبادرة الخليجية وبنود آليات تنفيذها والتي تم التوقيع عليها في العاصمة السعودية الرياض أمام مرأى ومسمع الأشقاء والأصدقاء من دول ومنظمات إقليمية ودولية وعدم الالتفاف عليها أو التلكؤ بالعمل بها ووضع العراقيل أمامها أو التأثر والانصياع لدعوات الطيش والنزق السياسي الحالم بتعطيلها وإفشالها.. فهذا الانتصار لم يكن فيه طرف خاسر ولا آخر مستفيد, بل الجميع منتصر الوطن والشعب وقيادته السياسية وهذا الإنجاز لا غالب فيه ولا مغلوب كما أكد ذلك وأشار إليه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في خطابه الأخير لدى ترأسه الاجتماع المشترك للجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي. إن التوقع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المُزمّنة من قبل جميع أطراف فرقاء العمل السياسي هو بداية مرحلة جديدة من التوافق ومد جسور التعاون والشراكة لإصلاح وإعمار ما خرّبته الأزمة السياسية وطي صفحتها المؤلمة وانعكاساتها السلبية على أوجه مجالات الحياة والانتقال لبث روح الطمأنينة والمشاركة الجماعية في البناء والتغيير التي يجب أن تبنى على قاعدة الثقة وحسن النيات وتغليب مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات. فالشعور بالمسؤولية العالية والتحلي بالقيم الوطنية السامية بعيداً عن التشنجات وتصفية الحسابات الضيقة لابد أن تسود لتترجم وتحقق كل التطلعات والأحلام الجميلة وأولها بكل تأكيد الشعور بالأمن والسعي لتحقيقه، لأنه بدون الأمن والاستقرار والهدوء والسكينة لا معنى للحياة، بل إن افتقاد الأمن واهتزازه مدخل لإشاعة الفوضى والرعب والخوف في المجتمع.. كما أن تذويب كل مسببات المتاعب التي تواجه حياة ومعيشة المواطنين ينبغي أن تكون في قائمة الاهتمامات من أجل أن يعيش الجميع حياة كريمة مستقرة وحرة في وطن يسوده الإخاء والمساواة والمحبة. وعلى الفرقاء السياسيين أن يدركوا بأن إنجازهم وتوافقهم الذي حققوه بإرادتهم الصادقة والخيّرة سيكون تحت المجهر.. وعليهم أيضاً أن يثبتوا قدرتهم على منحنا المزيد من الاعتزاز وكثير من الثقة وأننا أهل حكمة وأرق قلوباً. [email protected]