بمزيد من التفاؤل والعمل المشترك الجاد بدأت حكومة الوفاق الوطني نشاطها منطلقة من مسؤوليتها وجسامة ما ينتظرها من مهام تتطلب قدراً كبيراً من الالتزام الصادق والضمير الحي لإصلاح ما خربته الأزمة السياسية وما خلفته من آثار سلبية على أوجه جوانب الحياة في هذا الوطن وما سببته من انعكاسات واضحة على معيشة المواطنين. ولأنها حكومة توافق أو وفاق جاءت لتجمع فرقاء العمل السياسي في البلد من سلطة ومعارضة فإن الكثير من الخيرين في هذا الوطن يتوسمون فيها خيراً لإخراج البلد من محنته المريرة ومعالجة كافة القضايا العالقة بروح متقد من الشراكة الحقيقية من أجل البناء والإعمار وتعزيز دعائم الخير والمحبة والوئام. وقد كان بداية أعضاء الحكومة الجديدة موفقة عندما انطلقوا جميعاً إلى دواوين وزاراتهم يتلمسون أوضاعها ويرسمون معالم الانطلاق الجديدة وفي أجندتهم وأولياتهم خدمة المواطنين والعمل التنموي وتعزيز جوانب العمل المشترك الجماعي الذي يفضي إلى تحقيق المزيد من النجاحات وطي صفحة الماضي وترفع عن الصغائر خدمة للناس أجمعين التي طحنتهم الأزمة السياسية ونكدت بمعيشته وأثقلت كواهلهم وأقلقت أمنهم ومست استقرارهم وهددت سكينتهم وسلمهم الاجتماعي. وأجمل ما لمسه المراقبون من هؤلاء الوزراء الجدد في حكومة الوفاق الوطني خلع رداء الحزبية والمناكفات والاتجاه نحو الميدان بوصفهم لا يمثلون أحزابهم بقدر ما يمثلون السواد الأعظم من الشعب الذي يتطلع إليهم بنظرة تفاؤلية لا حدود لها لتحسين أوضاعه المعيشية ولجم حالات الفوضى والانفلات والانتقال نحو كل ما يبعث الأمل في النفوس للخروج من هذا النفق المظلم. وينبغي أن تركز حكومة الوفاق الوطني في أولياتها على النشاط الخدمي وتلبية احتياجات الناس الأساسية ووصول الخدمات إليهم وبخاصة خلق استقرار تمويني في المشتقات النفطية والمواد الغذائية ومعالجة الانقطاعات المستمرة لخدمات المياه والكهرباء وانتظام سير العملية التعليمية وتعزيز دعائم الأمن والاستقرار والهدوء والسكينة في المجتمع.. وعلى أعضاء الحكومة أيضاً أن لا يكونوا عرضة لحالات التأثر ببعض الانفعالات والتشنجات وحركات (النص كم) التي لا يروق لها أن يستقر الوضع ويستهدي الجميع للوصول إلى مرافئ آمنة تضمن التعايش والمشاركة في البناء والتغيير. وحق علينا أن نقول للحالمين والواهمين خذوا قسطاً من الراحة ووفروا عناءكم واستفيدوا من دروس ونفور الأشهر الماضية لعلكم تقلعون عن ممارسة الطيش وتعودوا إلى جادة الصواب فتدركوا كم كنتم مخطئون.. فهذه فرصة تلوح أمامكم لإثبات ذاتكم والتعاون, فلا تضعوا أمام الحكومة الجديدة العثرات والعقبات والمعوقات والمثبطات فتكبحوا هذا النشاط والأداء الذي بدأت به لإصلاح ما يمكن إصلاحه في اتجاه معالجة الأوضاع السيئة اقتصادياً ومعيشياً وأمنياً والتسريع في عودة الخدمات الأساسية لأهلكم وناسكم وخروج الوطن معافى وآمناً من الأزمة الراهنة التي عصفت به وما زالت وشلت الحياة فيه بصورة مؤسفة وغير مرضية لكل ذي عقل سليم وضمير حي. فمن أجلكم ومن أجل مصلحة وطنكم وخيره ومستقبله لا تلقوا لهذه الحكومة سوم! وكونوا أداة لمساعدتها على تأدية جهودها وتعزيز انسجامها لتحقيق ما تطمح إليه من مهام ومسؤوليات جسيمة. [email protected]