أتذكر جيداً لقاء جمعني بالأستاذ حمود خالد الصوفي - محافظ محافظة تعز قبل الثورة بأشهر وكان لقائي به لمعرفة رأيه حول القات ولماذا لا يتعاطاه، وبعد التصوير فاجأني المحافظ بأشياء لم أكن أتوقع أن أسمعها من المسئول الأول في المحافظة. حينها كانت مشكلة أراضي الحديدة وعدن هي حديث الساعة في الساحة اليمنية، فقال لي: لماذا لا تناقشون مشكلة الأراضي في تعز؟ سألته: وما المشكلة فقال: بأن تعز لا تختلف عن الحديدة وعدن في نهب الأراضي من قبل أناس وصفهم بالمتنفذين وأردف قائلاً: (أنا على استعداد للتعاون معكم وتزويدكم بالوثائق فقد وصل بي الحد إلى عدم القدرة في ممارسة عملي وطلبت من الرئيس إعفائي من منصبي وتكليفي بعمل آخر)وبالمناسبة كان آخرون يتحدثون عن نية لدى القيادة بإقالته، لكنني ذهبت إلى تصديق رواية المحافظ، فمن خلال معرفتي البسيطة به في تلك الفترة رأيت فيه الإخلاص للعمل ومقومات القيادة، بالإضافة إلى مايتمتع به من ثقافة وأدب . المهم في الأمرمضت المدة كلها ولم يُقل المحافظ أو يستقيل ولا أعلم هل انحسر نفوذ المتنفذين، أم هي الثورة فرضت عليه تأجيل قراره، أم هي المصلحة التي اقتضت حاجة المدينة لبقائه في ديوان المحافظة وعلى أية، حال لم تكن الاستقالة في ذلك الوقت هماً لي ولا للكثيرين غيري، لكنها لو تمت لكانت بداية مرحلة مشرقة في تقديم المصلحة على المنصب. الآن وبعد الثورة عاد المحافظ ليؤكد بأن مدينته تعبث بها القاعدة حيناً والمسلحون حيناً آخر وهو لم يكن راضياً عن كثير من ممارسات العسكر ولم تعد الأمور تحت سيطرة السلطة المحلية بالوجه المطلوب إضافة لكل ذلك المتنفذون ربما زادوا والسطو على الأراضي وحتى الشوارع وفرزات الباصات انتشرت أكثر، فضلاً عن المظاهرات التي تخرج أحياناً للمطالبة بإقالته واتهامه بقتل المتظاهرين أو التواطؤ مع القتلة ولا ندري ما سيفعل المحافظ هذه المرة، انطلاقاً من واجبه الوطني ووقوفاً في وجه الممارسات التي تعيق عمله. أتعشم خيراً بالمحافظ الذي تربطني به علاقة جيدة ويتعشم خيراً به الكثيرون من أبناء تعز أن يضع حداً للانفلات الأمني وعسكرة مدينتنا الغالية وإنهاء الانقسام وحرب القاعدة إن صح وجودها، فهو الرجل الأول والمسئول الأول في المدينة. إن كان المحافظ لا يزال قادراً على أداء مهامه وواجباته فهذه بعض واجباته بالإضافة إلى واجبات كثيرة أخرى يعلمها هو ويعلمها الجميع، وإلا فما الذي يجبره على البقاء في منصب لا يمكنه من ممارسة أي سلطة على الأرض للحفاظ على سلم وأمن المدينة وتوفير احتياجات الناس فليتخذ موقفاً شجاعاً من أجل الحالمة ولو كان الموقف استقالة من المنصب كي يثق المواطن هناك بأن تعز أهم من المنصب وكي يخرج المحافظ نفسه من دائرة المساءلة عن سوء قادم يبشر به. وأزعم أن الاستقالة هذه المرة ستكون أقوى بكثير من طلبه لها في السابق وستمثل ضغطاً حقيقياً على كل من يعبث بتعز أو يتهاون بمهامه تجاهها من أي طرف سياسي كان.